في عالم مليء بالفرص والتحديات ونحن نعيش حقبة الثورة الصناعية الرابعة وعصر ازدهار ريادة الأعمال والقطاع الرقمي اسمحوا لي اخواتي واخواني الشباب أن أدعوكم للعمل معا في سبيل تذليل العقبات أمام جيلنا الذي أجده محظوظا لاعتبارات كثيرة وفرص عديدة مفتوحة أممنا كشباب لم تكن متاحة من قبل.
نحن زملائي الأعزاء مكون ديموغرافي هام من شعبنا العزيز الذي تناهز نسبة الشباب فيه السبعين بالمائة وبمقاييس اقتصادية بحتة نشكل عمادا هاما لثروة رأس ماله البشري، وأقتبس في هذا السياق أن الدول والأمم من حولنا لم تنهض ولم تتقدم الا بتطوير رأس مالها البشري، فهو بحسب البيانات والدراسات أهم محرك لتحقيق الرفاه والنمو الاقتصادي المتسارع، ويتفوق في ذلك على شتى أصناف الثروات، وفي عهد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لا يخفى علينا جميعا مدى الاهتمام والدعم الذي يحظى به الشباب، وكلنا يقين أن القادم أفضل في ظل قيادته وعمل حكومة معالي رئيس الوزراء السيد محمد ولد بلال.
دعونا زملائي وزميلاتي نسعى الى قلب معادلة الانتظار السائدة في مخيلة الكثيرين منا في السابق، وبدل ذلك لماذا لا نبادر؟، ونطلق مشاريعنا ونكون روادا للأعمال نصنع الفرص ولا نركن للجمود وللمستقبل المبهم.
لا يوجد في عالمنا اليوم مكان بين مصافي الدول والشعوب الا لتلك البلدان التي ترتكز على اقتصاد المعرفة وريادة الأعمال وخصوصا الجوانب المبنية على الرقمنة والابتكار.
اليوم أجدنا أمام عديد من التجارب الناجحة للاستفادة من الأدوات والمنصات الرقمية في مختلف المجالات، كالتعليم والتدريب، ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، العمل الحر والعمل النظامي، حيث تلغي هذه التقنيات الجديدة الحواجز الجغرافية والزمنية، وتخفض التكاليف وتسهل الإجراءات، وهي بذلك تذلل الصعاب وتفتح الفرص لعشرات الملاين حول العالم، ولكم مراجعة الاحصائيات والأرقام التي لا تدع مجالا للشك فيما تم ذكره حول المجالات أعلاه.
أغلب الجامعات الرائدة عالميا إضافة الى أكبر شركات التقنية تتيح الآن مساقات للتعليم والتدريب عبر الانترنت وفق برامج مهنية عالية الجودة وموجه لملاءمة احتياجات سوق العمل وتمنح على أساسها شهادات احترافية قيمة، ليكون المتعلم والمتدرب على الطريق الصحيح في مساره بسوق العمل، ولم يكن هذا الامر متاحا الى عهد قريب، فمن كان منا يصدق أن يلتحق بأفضل جامعة بالعالم ويحصل على برنامجه التدريبي المرغوب دون الحاجة لمغادرة مكانه أو التأثير على التزامات عمله وبتكاليف رمزية نسبيا، هذا الواقع يستفيد منه اليوم الملايين من الشباب حول العالم والأمر في تنامي مضطرد وأعتقد أن الوقت حان ليلحق بهم منا من لم يفعل ذلك سابقا.
أخواتي وإخواني إن الطبيعة المتغيرة لسوق العمل وزيادة التنافسية على فرصه تملي علينا المزيد من المرونة وبذل الجهد واستغلال كل ما هو متوفر عبر مسار من بناء وتدعيم القدرات الذاتي لنكون مؤهلين وبجدارة لقطف الفرص في حينها.
لقد بدأنا في موريتانيا نتحسس الأثر الكبير لبعض مشاريع ريادة الأعمال الرقمية على حياتنا اليومية ومدى السهولة واليسر الذي آلت اليه بعض الخدمات وكمثال على ذلك خدمات النقل الخاص، والتوصيل وحجز وشراء السلع عن بعد، والدفع الاليكتروني وتحويل الأموال، وأعتقد جازما أن الميدان لا زال ذاخرا بالفرص للتطور والتوسع مع الجهود التي تقوم بها وزارة التحول الرقمي والابتكار وعصرنة الادارة، وقد أتيحت لنا الفرصة لاطلاع عن كثب على تلك الخطوات الجبارة في لقاء لفريق عملنا مع معالي الوزير السيد المختار أحمد اليدالي في مكتبه.
لدينا البيانات المتواترة على مئات الأنشطة التجارية والخدمية الموريتانية على شبكة الانترنت، والتي يقف الشباب خلف أغلبها، وكذلك آلاف فرص العمل التي خلقتها تلك الأنشطة لصالح شبابنا، والأمر في نمو يبعث على الارتياح ويعد بمستقبل زاهر.
الثورة الصناعية الرابعة والتطور الهائل للاقتصاد الرقمي بالإضافة الى أحداث أخرى من بينها جائحة كورونا، كلها عوامل أدت الى تغيير ديناميكية سوق العمل ليكون أكثر انفتاحا على المواهب والكفاءات والمهنيين حول العالم، وجعلته أقل قيودا من ذي قبل خصوصا إذا تعلق الأمر بالزمان والمكان، فالملايين اليوم يعملون بدوام كامل أو جزئي لصالح شركات قد تبعد عنهم آلاف الأميال ومع فارق التوقيت.
مؤشرات اقتصاديات سوق العمل تنبئ بنمو كبير للسوق المفتوحة وبزيادة الطلب على ما يسمى بالمهن المستقبلية والتي ترتبط بشكل وثيق بالقطاع الرقمي مثل: تحليل البيانات، والذكاء الصناعي والروبوتكس، وإنترنت الأشياء، والتصميم، والحوسبة السحابية والقائمة تطول، وهنا ورغم أن نسبة شبابنا الذي يستخدم الإنترنت يوميا تعتبر مقبولة الا أن انعكاس ذلك على مدى انخراطهم في العمل عبر الانترنت لا يزال دون المستوى المأمول.
الإحصائيات والمعطيات التي توصلنا بها حول القطاع الرقمي وريادة الأعمال والابتكار وان كانت غير شاملة ومع ما فيها من نواقص، إلا أنها أكثر من كافية للتدليل على حجم الفرص المتاحة والواعدة، وضخامة الجهد الذي يجب أن نبذله معا (والله لا يضيع أجر من أحسن عملا) في تذليل العقبات أمام شبابنا، مدججين بمستوى الدعم السامي الذي نجده من فخامة رئيس الجمهورية في كل قضايا الشباب الجوهرية.
حري بمن أراد منكم النهوض أن يجد السند أخواتي وإخواني، وبمن أراد المسير أن يحصل على التوجيه وتعبد له الطرق، وبمن حث خطى المسير أن يمكن من الدعم والمؤونة الضرورية من أجل الوصول الى الأهداف وتحقيق الغايات، وأن نكون مصدر بناء ورفعة لهذا البلد الغالي.
نحن نؤمن بقدراتكم وبشعلة الشغف والنشاط والحماس الذي تحملونه بين جنبات هاماتكم السامقة، نحن واثقون من الرهان عليكم، ونرى فيكم رأس المال البشري ومناط الثروة القومية التي تستحق الاستثمار والمخاطرة، وكلنا استعداد لأن نكون معكم وسندا لكم وفي خدمتكم.
نؤمن بكم أيضا موردا للإبداع والابتكار، وسنسعى دائما للعمل على أن تكون الجهود المبذولة "بسواعد الشباب ومع الشباب ومن أجل الشباب"، والأيام القليلة القادة والأشهر مليئة بخطوات جبارة وبرامج نوعية في القطاعات التي ذكرنا، بالتنسيق مع الجهات الوطنية الرسمية والانفتاح على الدور الهام للقاع الخاص الوطني وشركائنا في التنمية محليا ودوليا، والله الموفق والمستعان.
عبدالله ولد اميم ـ منسق قطاع ريادة الاعمال والرقمنة والأبتكار بالمجلس الوطني للشباب