اعتدى بعض أساتذة القانون في كلية القانون أيام عمادة المختار فال، وضاعت حقوق بأمره وتحت وصايته وولايته، ولم يكن على قدر المسؤولية، ولم يرجعهم إلى صوابهم - حين تظلم عنده أصحاب الحقوق - بل دافع عنهم، وحاول أن يلتف حول حقوق الناس التي سلبت وكان سببا في سلبها.
تذرع بأن ذلك كان أوامرا عليا، وأنه تطبيق لأمر من رئاسة الجامعة، وادعى كاذبا - على الأقل من منظور القانون - بأن رئيس الجامعة هو من أمره، في حين لم يقدم أي دليل مادي على دعواه، ولم يدافع محامي الجامعة عن القرار، بل لم ترد الجامعة بشكل يفند ادعاءه - وهذا الادعاء حجة ضاحضة بمنطق القانون، - ثم تعالى وقال إن من يتظلم أمام القضاء الموريتاني شخص مجنون، وأن قضاة العربية جلهم من خريجي المحظرة، وأنهم جهلة، وأن الأمر لو كان إليه لما كانوا قضاة، لأن أهل العربية كلهم جهلة، هكذا قال، وهكذا يقول في كل مرة.
حكمت المحكمة بالقرار القضائي المعروف؛ لأنه الأول من نوعه، من حيث الموضوع والمكان، وقال إنه لا ينفذ القرارات القضائية، وإنه فوق ذلك.
دُعيّ المعنيون إلى القضاء فتمنعوا وراء قانون الهيئة الوطنية للمحامين، الذي يقرر امتيازا للمحامي الظالم، ذلك القانون الذي يقضي بأنه؛ إن ظلم المحامي لا تمكن مقاضاته واقعيا، أما النظري فيفرض تأشرة رئيس الهيئة التي يوزعها حسب هواه، ويقف قانون الإجراءات مساندا للمحامي الظالم، حيث لا يمكن أن ينال المتقاضي حقه في الولوج للعدالة إلا من خلال تعهد محامٍ لن يتعهدَ دون التأشرة المذكورة سابقا، وذلك على مستوى كل المحاكم الإدارية، ومحاكم الاستئناف كلها؛ عدالة تقرر ضياع الحقوق إذا كان المطالَب بها ينتمي للهيئة للوطنية للمحامين.
موجب هذا التوضيح؛ تمنع أساتذة القانون الظلمة وراء هذا القانون، برفضهم اللجوء إلى القضاء للفصل في هذه المظلمة، رفض يشبه ما عبر عنه القرآن الكريم في الآية والآيات التالية من سورة النور بقوله : (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ (48) (*) صدق الله العظيم
قال المفسرون : ( وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ) الرسول بحكم الله، ( إذا فريق منهم معرضون ) أي معرضون عن الحكم . وقيل : عن الإجابة .
وورد كذلك أن هذه الآية دليل على وجوب إجابة الداعي إلى الحاكم لأن الله سبحانه ذم من دعي إلى رسوله ليحكم بينه وبين خصمه بأقبح الذم فقال : أفي قلوبهم مرض الآية . قال ابن خويز منداد : واجب على كل من دعي إلى مجلس الحاكم أن يجيب ، ما لم يعلم أن الحاكم فاسق أو عداوة بين المدعي والمدعى عليه . وأسند الزهراوي عن الحسن بن أبي [ ص: 273 ] الحسن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من دعاه خصمه إلى حاكم من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم ولا حق له . ذكره الماوردي أيضا . قال ابن العربي : وهذا حديث باطل : فأما قوله : فهو ظالم فكلام صحيح ، وأما قوله : فلا حق له فلا يصح ، ويحتمل أن يريد أنه على غير الحق(**)
فهل يريد هؤلاء الأساتذة المحامون القول إنهم لا يؤمنون بولاية القضاء في وطننا، أم يخافون حيف من يمثلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم يعترفون بظلمهم لعباد الله وتحميهم الهيئة الوطنية للمحامين وقانون الإجراءات المدنية ؟(*)
...................................
*) الآية 48 من سورة النور
**) ورد في موقع اسلام أونلاين في تفسير القرطبي لسورة النور.
*) تأملات عاطل