أصدر الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، مساء أمس الأربعاء، بيانا مطوّلا انتقد فيه حال البلد ومؤسساته والفاعلين السياسيين، داعيا أنصاره للالتحاق بحزب الرباط لإنقاذ البلاد من "الفساد والمحسوبية والفشل"، وفق تعبير البيان.
سهام في كل اتجاه
لم يوفّر ولد عبد العزيز أحدا من نقده الحاد سواء تعلّق الأمر بالسلطة أم الأغلبية أم المعارضة والجمعية الوطنية ونوّابها فهم جميعا مسؤولون عن "حالة التراجع والتقهقر والانتكاس التي يعرفها البلد اليوم وأصبحت تهدد الوحدة الوطنية والانجازات والمكتسبات الديمقراطية"، كما جاء في البيان.
تجاهل الملف القضائي
بيان على طوله، تحاشى الحديث عن الملف القضائي الذي يتابع فيه الرئيس السابق بقائمة تهم طويلة لا تبتعد عن حقل البيان؛ وقد يكون لذلك علاقة بامتناع الرجل عن التعاطي مع القضاء وتمسّكه بحصانته، غير المسلّمة من طرف العديد من خبراء القانون؛ كما أنه يسعى منذ بداية الحديث عن هذا الملف في أواخر 2019 إلى تسييسه ووصمه بتصفية الحسابات والتحقيق غير الجاد.
مساع لتدويل الملف
غير أن الأمر ليس كذلك، على ما يبدو، فهناك عمل فني محكم يضيّق الخناق أكثر فأكثر على حاكم البلاد السابق وكانت آخر تطوراته مساع قضائية لتعقب الأموال الموجودة في الخارج على ذمّة المتابعين في الملف؛ وهو ما واكبته مساع من المتهم الأول في الملف لتدويله من خلال اللجوء إلى منظمات إقليمية ودولية للحصول منها على إدانة المسار القضائي الذي يواجهه.
تدويل لم يكن غائبا، تماما، عن الملف فقد مارس عدد من القادة الأجانب، خاصّة من إفريقيا، ضغوطا من أجل عدم إرسال "صديقهم" إلى السجن.
واجهة جديدة للصراع
خطوة ولد عبد العزيز الجديدة ليست الأولى من نوعها فحين أُحيل تقرير لجنة التحقيق البرلمانية إلى القضاء لجأ حينها، لخِدْمات أحد الأحزاب وبعثه من سباته واستخدمه كواجهة لكنّ اختياره لم يكن حصيفا إذ سبق للحزب المذكور أن تعرّض للحل من طرف وزارة الداخلية بناء على القانون الذي يتيح حل أي حزب لا يحصل على 1 بالمائة في اقتراعين بلديين أو لا يشارك فيهما.
وهو ما لا ينطبق على حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال، ربما لحداثة نشأته، فقد حصل على ترخيصه في أكتوبر 2016 وشارك في انتخابات 2018 ولكنّه لم يبل بلاء حسنا. ومع ذلك فإن مثل هذا التحالف سيكون مثمرا للطرفين.
فالحزب سيحصل على فرصة لتنظيم أنشطة جماهيرية وزيادة عدد منتسبيه فيما سيحصل "الطرف الثاني" على واجهة مرخّصة للاستمرار في المواجهة "السياسية" للتهم التي يواجهها في ظل امتناعه عن المواجهة القضائية فهل سينجح الرئيس السابق بهذه الخطوة في جر النظام لمواجهة سياسية قد يطول وقتها؟
نقلا عن الصحراء