هل اقتربت لحظة التغيير الحكومى بموريتانيا ؟

تواجه حكومة الوزير الأول محمد ولد بلال أزمة ثقة متصاعدة فى الشارع، بفعل الفشل فى حلحلة بعض الملفات الحساسة فى قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والمياه والبيئة وجلب الاستثمار، مع ضعف إعلامى عبر عنه الرجل نفسه أمام البرلمان، وعززته الحكومة برغبتها فى تشكيل هيئة إسناد لإنقاذ صورة القصر، فى ظل الحراك المتصاعد داخل النخب السياسية وصناع القرار، وعجز التشكيلات الإعلامية - التابعة نظريا- لقطاع الثقافة فى تقديم صورة مقبولة للرأي العام عن الجهد المبذول لتغيير الواقع المعاش.

 

وتضررت صورة النظام الحاكم منذ فاتح أغشت 2020 بشكل غير مسبوق، بفعل الأزمات القائمة فى قطاعات الدولة، واستغلال الإدارة للقوة العمومية من أجل قمع الرافضين للواقع القائم، مما أضر بالسكان، وشوه صورة الأجهزة الأمنية، التى باتت تتحمل عبئ مواجهة الشارع الغاضب من فشل القطاعات الوزارية فى الوفاء بما تعهد به الرئيس لمواطنيه عشية وصوله للحكم.

 

وتراجعت آمال النخب فى وكالة تآزر، رغم الأموال الضخمة التى وجهت إليها، وباتت برامجها كاشفة لحجم العوز داخل البلد، دون الإعلان عن مشاريع حيوية من شأنها تعزيز صمود السكان فى الداخل، أو تشغيل اليد العاملة، أو الرفع من القدرة الشرائية للمواطنين، أو خلق فرص حقيقية من شأنها محاربة الهوة القائمة بين العديد من مكونات المجتمع، وأطيافه الحالمة بعهد جديد.

 

ومالت وسائل الإعلام العمومية إلى التوسع وهدر الأموال على حساب جودة المضمون والرسالة الإعلامية المقدمة للرأي العام، وتحولت الإذاعة إلى تلفزيون عبر تأجير القنوات الخاصة لبث برامجها، وعادت التلفزة لمنافسة الإذاعة عبر البث على الموجة الترددية، وأختارت الوكالة أن تنافس الإذاعة والتلفزة معا عبر برامج مرئية وأخرى مسموعة، مع تحسن فى استغلالها للشبكة الاجتماعية.

 

نقلا عن زهرة شنقيط

 

وسجلت مظاهر غريبة داخل الإدارات العمومية، كاحتفال الموظفين بمرور عام أو عامين على تعيين الوزراء والمدراء وكبار المسؤولين، بينما تراجعت مكانة الرئيس وهيبته فى العديد من الدوائر الرسمية التى بات بعض وزرائها ينافس الرئيس فى الظهور والمظهر، ويمنح نفسه سلطة اتخاذ القرارات الكبيرة، رغم الأضرار التى يتسبب فيها للأمن والسكينة ومصالح الدولة العليا.

 

وتشاغل الموالون للرئيس بمشاكل القضاء مع سلفه، للتغطية على حجم الفراغ الحاصل، والعجز الذى تسبببت فيه حكومة الوزير الأول محمد ولد بلال، وسلفه الوزير الأول إسماعيل ولد الشيخ سيديا، والذى لم يمنحه الرئيس أكثر من سنة لتدبير أمور السلطة، فى ظاهرة نادرة الوقوع بموريتانيا.

 

ويقول بعض أنصار الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى إن الرجل لايستحق الواقع الذى دفع إليه، وإن رؤيته للبلاد، ومشاريعه التى وعد الناس بها، وتعاطيه الأخلاقى مع النخب السياسية، وانفتاحه على معارضيه ، ومنحه الصلاحيات اللازمة لمعاونيه، أمور غير مسبوقة فى تاريخ البلد، لكنه خذلته أطراف قريبة منه، وشغلته ملفات أمنية وقضائية، أخذت من وقته الكثير، بينما لم تنجح القوى الداعمة له فى فرض رؤيته على أرض الواقع، أو التمكين للمشروع الذى بشر الشارع به عشية وصوله للسلطة.