هناك تناقض واضح يحتاج إلى تفسير بين ما نشاهده من تهدئة مع السياسيين وتصعيد أمني ضد المحتجين السلميين، ومثل هذا التناقض أصبح مربكا لمتابعي الشأن العام.
تهدئة سياسية غير مسبوقة
تشهد البلاد في العهد الحالي تهدئة سياسية كانت في أمس الحاجة إليها، خاصة وأنها جاءت بعد عقد كامل من التجاذبات والصراعات والتصعيد والتأزيم بين طرفي المشهد السياسي من أغلبية ومعارضة.
نعم تشهد البلاد تهدئة سياسية غير مسبوقة، على الأقل خلال العقد الأخير، وتظهر هذه التهدئة السياسية من خلال فتح أبواب القصر الرئاسي أمام كل الطيف السياسي والنقابي والحقوقي، وخاصة من يحسب منه على المعارضة. كما تظهر أيضا من خلال رفع الظلم عن الذين ظلموا بسبب مواقفهم السياسية، وتعيين بعض المحسوبين على المعارضة، هذا فضلا عن اللقاءات المنتظمة بزعيم المعارضة، واصطحاب بعض الشخصيات المعارضة في وفود رئاسية.
تصعيد أمني غير مبرر
في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تهدئة سياسية كانت في أمس الحاجة إليها، فإنه يُلاحظ أن مشاهد العنف غير المبرر لم تتوقف ضد المحتجين السلميين، حيث تُطالعنا مواقع التواصل الاجتماعي ـ من وقت لآخر ـ بصور وفيديوهات توثق عنفا غير مبرر مُورس ضد محتجين سلميين، ولعل آخر هذه المشاهد الصادمة التي طالعتنا بها مواقع التواصل الاجتماعي هي تلك المشاهد القادمة من قرية تيفيريت، حيث ظهر بعض عناصر الدرك وهم يضربون بقسوة ووحشية بعض النساء المشاركات في وقفة سلمية مطالبة بإغلاق مكب تيفيريت.
فلماذا يمارس كل هذا العنف ضد النساء المحتجات في قرية تيفيرت؟
ولماذا تتكرر كثيرا مشاهد العنف هذه في فترة تشهد فيها البلاد تهدئة سياسية غير مسبوقة؟
وهل الأمر يتعلق بمجرد أخطاء أمنية ازدادت وتيرتها في الفترة الأخيرة أم أن هناك من يسعى إلى توتير الأجواء لغرض ما؟
خلاصة القول
لقد آن الأوان لوضع حد لتكرر مثل هذا العنف ضد المحتجين السلميين، ولمحاسبة المسؤولين عنه، فمثل هذا العنف لا مبرر له في أزمنة التصعيد والأزمات السياسية، مما يعني أنه لا مبرر له إطلاقا في فترات التهدئة السياسية، ونحن اليوم نعيش في هذه البلاد واحدة من أهم فترات التهدئة السياسية.
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين ولد الفاضل
[email protected]