اعتبر القيادي في التيار القومي العربي في موريتانيا؛ محمد العربي ولد الكوري، رئيس حزب "الوطن"، أن تيار الإخوان المسلمين يمارس ما أسماه "المغالطة والتلبيس"، في مخاطبته للشباب الموريتاني ممن ولدوا في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
وأوضح ولد الكوري، في منشور على. صفحته بموقع "فيسبوك"، أن من يطالع "كتابات الإسلاميين"، اليوم، حول موضوع الاستبداد السياسي وعن إيجابيات الديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، يحسب أن "تيار الإخوان" تأسس من البداية كتيار سياسي ديمقراطي "في منطلقاته النظرية وفي نظرته لحكم الشعب"؛ وفق تعبيره.
وجاء في نص المنشور:
"هناك كلام ينطوي على مغالطة وتلبيس على الشباب الذين ولدوا بعد سنة 1989.. من يقرأ كتابات " الإسلاميين " اليوم ، و بخاصة الإخوان المسلمون، عن الاستبداد السياسي و عن حسنات الديموقراطية و الاحتكام لصناديق الاقتراع ، و قرأ لهم هذا الكم الهائل من النقد للاستبداد السياسي و للدكتاتورية، يحسب أن تيار الإسلام السياسي ، و الإخوان، قد تأسسوا تيارا سياسيا ديمقراطيا في منطلقاته النظرية ، و في نظريته لحكم الشعوب.
و الواقع أن هذا التيار تأسس أول ما تأسس تيارا دعويا صوفيا إصلاحيا اجتماعيا، قبل أن يتحول في بنيته النظرية ، و التنظيمية تبعا لذلك، حركة سياسية قائمة على الاستبداد المنصوص و الموصوف في مبادئها من منطلق أن الحاكمية لله، و لم يكن للشعب و الإقتراع نظر و لا أمر في من يحكمه، لأن ذلك ليس من صلاحيته و لا من مصالحه، و إنما أولي العلم ( رجال الدين ) هم من يعود إليهم أمر الحكم و السياسة و التدبير على الرعية نيابة عن الله في الأرض، بوصفهم خلفاؤه فيها و ورثة أنبياء و رسله إلى عباده.
و ظل الأمر على هذه الحال حتى 1989، حيث جرت مراجعة هذه البنية النظرية ، خاصة في شقها السياسي ، في ندوة بالكويت.
و على إثر الخلاف الذي تفجّر خلال تلك المراجعة ، ظهرت حركات منفصلة عن حركة الإخوان المسلمون، و هي الحركة الأم ؛ و ستكون منها لاحقا حركة القاعدة، حزب التحرير، و الجهاد... و صولا لداعش !
ثانيا، على مستوى التطبيق و الممارسة ، تولى الاخوان المسلمون السلطة في السودان، و لم يعطوا مثالا يبهر في مجال حسن الحكامة و لا الديموقراطية لا على المستوى الثقافي و القيمي ( التسامح و إصلاح ذات البين و حل النزاعات المسلحة بين السودانيين) ، و لا على المستوى الإجرائي (التبادل السلمي على السلطة ، و احترام نتائج الاقتراع و عدم تزوير النتائج و عدم استخدام قوة الدولة العمومية في ظلم الخصوم ... ) .
و عند عبورهم لكرسي السلطة بمصر ، نجحوا بتألق في تأليب كل القوى عليهم لما أبدوه من شهية للسلطة وشهوة مجنونة للاستئثار بكل شيء !
و في تونس، وصلوا للسلطة و لم يستطيعوا أن يؤسسوا ثقافة الديموقراطية و قيمها الناعمة ، عندما اكتشف شركاؤهم مليشيات مسلحة، موازية للقوة العمومية ، تابعة لحركة النهضة تتولى إرهاب الشركاء و تصفية رموزهم، عند الاقتضاء؛ و قد تمت تصفية قيادات سياسية بارزة في تونس بسبب مواقفها من حركة النهضة ! أما في المغرب، فقد ظهر ، لمن لم تكن له بصيرة، أن الجماعة مكون أصيل من ثقافة المخزن و أنها إحدى التوقيعات للظهير الملكي ...
خلاصة القول، إنه ينبغي على إخوتنا من الإخوان المسلمون حين يكتبون عن الاستبداد و الديكتاتورية و الديموقراطية و بإفراط في نقد الأنظمة القومية، التي استعانوا بالأمريكيين على إسقاطها، استحضار التاريخ ، فكرا و ممارسة، و استحضار الواقع الماثل، فذلك أدنى لتجنب الإحراج حاضرا و مستقبلا، كما هو حاصل الآن في موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني...".