قال تقرير صادر عن البنك الدولي إن جزءا من سكان موريتانيا في حدود عشرة في المائة لم يجر تسجيله في سجلات الحالة المدنية، مردفا أن الأمر يتعلق بـ"بأكثر السكان هشاشة وبمن تعرضوا للحرمان تاريخيا وبعض الأشخاص من غير القومية العربية، عائدين من التسفير بحسب دعواهم ولم تسجلهم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين".
وأكد التقرير أن الموريتانيين غير المقيّدين في سجلات الحالة المدنية يعانون صعوبات في الولوج إلى التعليم، مذكرا بأن سجلا وطنيا جديدا للسكان أنشئ سنة 2011 بموجب قانون جديد، وتم وضع هذا السجل تحت سلطة الوكالة الوطنية للسجل السكاني.
وأشار التقرير إلى أن عدم حيازة بطاقة تعريف أو شهادة ميلاد يشكل في الغالب عائقا أمام دخول المدرسة أو/و المشاركة في الامتحانات الوطنية، لافتا إلى أن لجنة شكلت سنة 2017 لحل هذا النوع من المشكلات، وباشرت عملها في الولايات الأربع الأكثر تأثرا بتلك القضايا.
ونبه التقرير إلى أن القانون رقم: 003 – 2011 المتعلق بتسجيل أحداث الأحوال المدنية ووضع سجل وطني حديث للسكان يحتم تسجيل جميع المواليد والزواج والطلاق والوفيات في آجال محددة. ويعاقب على عدم الامتثال بغرامة واحتمال السجن.
ورأى التقرير أنه في العديد من المناطق الفقيرة، يحول البُعد وتكلفة النقل أو نقصه دون الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية والحالة المدنية والتعليم، مردفا أنه غالبا ما تكون التجهيزات والبنى التحتية للتعليم والصحة في حالة سيئة لا تسمح بتقديم الخدمة بشكل مناسب.
وأضاف: "ورغم وجود نظام للحالة المدنية فإن غياب الأوراق الثبوتية كشهادات الميلاد أو الزواج أو الوفاة يمنع كثيرا من الناس من التسجيل والحصول على بطاقات هوية. أما غياب بطاقة الهوية بدوره فيسبب الحرمان من خدمات الصحة والتعليم وغيرها مما يحد من تطوير رأس المال البشري ويفوّت فرصا رائعة للتنمية والمساواة ومحاربة الفقر وعدم المساواة".
ونقل التقرير عن دراسة أعدها البنك الدولي 2019 تحت عنوان: "التسجيل المدني وإثبات الهوية"، أن الأشخاص غير المسجلين في السجل المدني هم من بين الأكثر حرمانًا، وأنهم يواجهون عقبات كثيرة في تسجيلهم، تشمل التكاليف والمسافة للوصول إلى مراكز استقبال المواطنين، والمدفوعات الموازية مباشرة لوكلاء CAC والقضاة والوسطاء، وجودة استقبال CACs االتي يمكن تحسينها، ونقص المعلومات ونقص الوعي.
واعتبر التقرير أن سجل السكان البيومتري الجديد إذا كان أمَّن الإحصاءات الحيوية، فقد زاد من صعوبة الوصول إلى الخدمة على شرائح من السكان. فالذين ليس لديهم دليل على تسجيلهم بالحالة المدنية، أو الذين لم ترد اسماؤهم في قاعدة البيانات السابقة للحالة المدنية، يجب عليهم إعداد ملف يحتوي على العديد من الوثائق الداعمة. غالبًا ما تكون هذه العملية معقدة وأكثر تعقيدًا بالنسبة للفقراء والأكثر ضعفًا، حيث لم يكن لديهم مثل هذه المستندات في كثير من الأحيان.
وأكد التقرير أن تحديات الوصول إلى سجل الحالة المدنية والحصول على وثائق الهوية الرسمية تختلف من مجتمع إلى آخر، معددا بعض الحالات التي تواجه تحديات أكبر، وهم:
- المنتمون للطبقات المحرومة تاريخيا كالمنحدرين من الأرقاء السابقين الذين لم يتوفروا على أوراق هوية على مدى أجيال متعاقبة. ولم يكن توزيع بطاقات الهوية عليهم ممارسة شائعة.
- السكان غير الناطقين بالعربية، لا سيما بسبب الأخطاء الإملائية عند نقل أسمائهم من اللغات المحلية إلى العربية أو الفرنسية فينشأ عن ذلك عدم تطابق في المستندات الداعمة لملفاتهم.
- الفئات المعادة للوطن، حيث يطلب منها وثائق يستحيل الحصول عليها.
ولفت التقرير إلى أنه "لا يبدو أن النساء والفتيات يواجهن صعوبات إضافية كبيرة في التسجيل للحصول على الحالة المدنية، على الرغم من أن حركتهن المقيدة ومسؤولياتهن المنزلية يبدو أن لها بعض الآثار السلبية في المجتمعات الأكثر عزلة".
كما سجل صعوبة تسجيل المواليد على وجه الخصوص الأطفال الذين لم يتم تسجيل آبائهم، أو الأطفال الذين ولدوا خارج المرافق الصحية، أو الذين ولدوا لأمهات غير متزوجات أو كان الوالد غائباً، وكذلك لأطفال الشوارع.
وتوقف مع حرمان الأطفال من التعليم بسبب عدم حصولهم على بطاقات هوية. مذكرا بأنه لا يوجد قانون يلزم بالتسجيل في الحالة المدنية للحصول على الحق في التعليم. ومع ذلك، فقد أصدر وزيرا التهذيب والداخلية، يوم 20 إبريل 2016، بهدف تشجيع التسجيل في الحالة المدنية، تعليمات مشتركة إلى جميع الولاة تنص على أن "أي طفل لا يمكن تسجيله في مؤسسة تعليمية عمومية أو خصوصية ما لم يكن قد تم تقييده في سجلات الحالة المدنية بصورة نظامية".
وتضيف هذه التعليمات – يقول التقرير - أن "أي شخص لا يمكن أن يشارك في الامتحانات أو المسابقات الوطنية ما لم يكن قد أكمل إجراءات التسجيل البيومتري وبحوزته بطاقة تعريف وطنية". وبموازاة ذلك، أصدرت وزارة التهذيب تعميما رسميا إلى مسيّري المدارس يوصيهم بقبول البطاقات المدرسية كورقة تعريف تسمح بالمشاركة في الامتحانات الوطنية. ويبدو اليوم أن بعض آباء التلاميذ ومديري المدارس يرى أن من اللازم تقديم بطاقة التعريف الوطنية للتسجيل في المدرسة والترشح للامتحانات الوطنية. وقد يقبل بعض المديرين تلاميذ لا يتوفرون على أوراق هوية، بحسب فهمهم للإطار القانوني، لكن عقبة ستواجه فاقدي بطاقة التعريف عند تقدمهم للامتحانات الوطنية". حسب نص التقرير.