رغم أن الأعدل والأفضل أن تكون المسابقات الوطنية هي الطريق الوحيد للاكتتاب الوظيفي فإن واقع المنكب المنكوب للأسف على خلاف ذلك؛ إذ تشهد الوظائف الإدارية في الوزارات والمؤسسات العمومية عموما اكتتابات أكبر عن طريق التعاقد المحسوبي وأحيانا التقاعد الزبوني إن جاز التعبير، هذا بغض النظر عن المئات الذين يتم اكتتابهم بالطرق الملتوية، حتى غدا الواصلون عن طريق المسابقات الوطنية تلى ما فيها من دخن قليل عديدهم، خاصة في بعض القطاعات وبعض مستويات التوظيف .
نبئت من طرف مطلع أن كثيرا من النافذين يدخلون كثيرا من أفراد عائلاتهم ضمن الناجحين في اللوائح النهائية، وقد تواتر حتى أفاد القطع وقطع.
ونبئت أن بعض النافذين يكثر الاتصال بالفنيين المشرفين – وقد أخبرني بعضهم بذلك – يستخدم الرشوة على هيئة ملاطفة لإدخال من لا يستحقون ضمن “الترتيب الاستحقاقي”!
في بدايات عام 2020 أعلن عن مسابقة “تعاقدية” لصالح ما يسمى وكالة الوثائق المؤمنة لتوظيف بضع عشرات من نخب الشباب العاطل، ليفاجأ الجميع بعد التعب في تجهيز الملفات والأسفار من أجل دفعها أنها دفعت جميعا خارج الأبواب لتنفذ من خلل النوافذ ملفات الأقارب والنافذين.
وإنما أقتصر على ذكر النماذج فقط بما أن الفساد في الاكتتاب الوظيفي هو الأصل في هذا الوطن للأسف.
وقد أدى هذا الفساد لانعدام المسابقات الوطنية تقريبا، وإن اعلن عنها تأتي هزيلة لا تكتتب غير قلة قليلة رغم حاجة القطاعات أحيانا لتبقى لفساد “التعاقد” و”التعيين” مساحات كبرى يفاوض المفسدون من خلالها نظراءهم في قطاعات أخرى على باب من أعظم أبواب الربا قاعدته العرفية المعروفة “أسلفني على أن اسلفك”، ولتذهب نخب الحاصلين على المعدلات الجيدة إلى شارع البطالة، والنماذج شاهدة ماثلة تنادي من لا حياة ولا حياء له للأسف، وأعظمهم حظا من يجد “وساطة” تأخذه إلى يوميات القطاع الخاص بكل ما فيه من استغلال خارج القانون وابتزاز خارج على الأخلاق والقيم؛ ليجد نفسه ربما بعد عمل السنين مرميا دون حقوق مهما كان أداؤه مشرفا ومنتجا ..
شد كثير من أبناء الوطن الرحلة إلى رحمة الغربة علهم يجدون وطنا ينصفهم من ظلم ذوي القربى؛ فلا غرو أن كانت الكفاءات الوطنية غالبا تعيش خارج المنكب المنكوب بأهل الفساد والابتزاز والاستغلال.
التقاعد في أحيان اخرى يقف عائقا عنيدا دون الاكتتاب الوظيفي القانوني العادل؛ ومن الطريف تكييف الطرق الاحتيالية له لتسري القوانين بآثار رجعية ترجع المتقاعدين موظفين أو متعاقدين أحيانا.
ذلك للأسف هو واقع هذا البلد. وإن استمر الواقع بهذا المستوى من الظلم فلا جرم أن كارثة لا قدر الله قد تحصل يوما ما؛ إذ لا تقوم الدول على الظلم والتجاهل والجهل، إن شؤمه لمقترفيه بالمرصاد.
إنها مأساة قيم قبل أن تكون مأساة قانون ..
فهل إلى عدالة من سبيل قبل فوات الأوان؟