سأتضامن مع صديقي الصحفي اللامع الحسن ولد لبات ومع الكاتب سيدي أعل ولد بلعمش، والأستاذ الجامعي أحمد ولد المصطف، ولكن بطريقتي التي أراها مناسبة. سأتضامن معهم، ولكن ليس بالمطالبة بتجاوز القانون في حقهم، وإنما بالمطالبة بمزيد من الصرامة في تطبيق القانون، حتى يكون الحماس في تنفيذ القانون لدى قضائنا مضبوطا بمستوى واحد، سواء تعلق الأمر بجرائم النشر أو جرائم الفساد أو أي جرائم أخرى.
إن من يُطالب بتطبيق القانون وبناء دولة المؤسسات عليه أن يبتعد تماما عن ازدواجية المعايير، ومن مظاهر الابتعاد عن ازدواجية المعايير عدم الاعتراض على تطبيق القانون وتقبل أحكام القضاء عندما لا تكون في صالحنا. نفس الشيء يمكن أن يٌقال عن الازدواجية في مجال الحرب على الفساد، فكثير ممن يُطالب اليوم بمحاربة الفساد قد تجده غدا يتضامن مع المفسد القريب، بل إنه قد ينشط في حملات التضامن التي تطلقها القبيلة لحماية مفسديها. أما إن كان المفسد لا تربطه به علاقة قرابة أو أي علاقة من أي نوع تجده يظهر الكثير من الحماس في المطالبة بمعاقبة ذلك المفسد.هذا النوع من ازدواجية المعايير لم يعد مقبولا.
إن مناصرة الصحفي اللامع الحسن ولد لبات يجب أن تكون مناصرة بالقانون، فيمكن مثلا لزملائه في الصحافة أن يضغطوا إعلاميا على مالك البنك حتى يسحب شكوى بنكه، ويعلم مالك البنك بأن ليس من مصلحته ولا من مصلحة أي رجل أعمال آخر أن يدخل في معركة مفتوحة مع الصحفيين، وأن يلجأ إلى القضاء لمعاقبتهم. ليس من مصلحة رجال أعمالنا، خصوصا حديثي الثراء أن يدخلوا في معارك مفتوحة مع الصحافة، وليس من مصلحتهم أن يشجعوا المواطنين إلى اللجوء للقضاء.
إن المناصرة الحقيقية للصحفي اللامع الحسن ولد لبات يجب أن تكون من خلال المطالبة بالمزيد من الصرامة في تطبيق القانون، وأن لا تكون هناك ازدواجية لدى القضاء في التعامل مع جرائم النشر وجرائم الفساد، وأن يكون الحماس في تنفيذ القانون مضبوطا على مستوى واحد، أي أن لا يكون مستوى الحماس عاليا جدا عندما يتعلق الأمر بجرائم النشر ومنخفضا جدا عندما يتعلق الأمر بجرائم الفساد ونهب المال العام.
إن مناصرة الصحفي اللامع الحسن ولد لبات يجب أن تكون مناصرة قانونية مضبوطة بالقانون، تطالب بالمزيد من الصرامة في تطبيق القانون، فبذلك سنضمن دخول العديد من المفسدين في السجن، وذلك هو ما يناضل من أجله الحسن ولد لبات ..نفس الشيء يمكن أن نقوله عن الكاتب سيد أعل ولد بلعمش، وعن الأستاذ الجامعي أحمد ولد المصطف، والذي ينتظر منذ أربع سنوات تنفيذ وزارة التعليم العالي لقرار المحكمة العليا / الغرفة الإدارية رقم 91/ 2016 بتاريخ 26 /12/ 2016 القاضي بترسيمه أستاذا محاضرا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نواكشوط العصرية.
علينا أن لا نقع في الفخ فنصور الأمر على أنه حربٌ من النظام على حرية التعبير، فأي فائدة سيجنيها النظام من سجن صحفي يُعرف لدى الجميع بأنه من أكثر المدافعين عنه؟ وعلينا أن لا نقع في الفخ فنطالب بعدم تنفيذ أحكام قضائية، فمثل ذلك سيكون ضرره أكبر على الصحفي والكاتب والأستاذ الجامعي، وعلى دولة القانون التي نحلم بها..إن ما علينا فعله الآن هو أن نُظهر بأننا لا نتعامل مع القانون وأحكام القضاء بازدواجية في المعايير، فإن كانت تلك الأحكام لصالحنا رحبنا بها، وإن كانت في غير صالحنا طالبنا بإلغائها وبرميها في سلة المهملات.
لنستعل بذكاء هذه الفرصة، ولنضغط حتى تكون الصرامة في تطبيق القانون متساوية في جرائم النشر وجرائم الفساد، فبذلك سنفرض سجن المفسدين، ويومها سيفرح الصحفي والكاتب والأستاذ الجامعي، وسنفرح معهم جميعا، بقرب الانتصار في حربنا المصيرية ضد الفساد والمفسدين.
حفظ الله موريتانيا..