جديد كورونا : عالم فيروسات ألماني يقدم توقعا مقلقا عن كورونا

الكل يصغي إليه ويتابع تصريحاته باهتمام بالغ في زمن كورونا، إنه عالم الفيروسات الألماني كريستيان دروستن، الذي طور أول تجربة لتشخيص الإصابة بكورونا على مستوى العالم -وفقا لموقع "دويتشه فيله" (DW)- كما قدم نبوءة مقلقة عن كورونا، وهي احتمالية أن يبدأ الآن بالانتشار الفعلي، محذرا من شتاء صعب قادم.

والبروفيسور كريستيان دروستن هو مدير معهد علوم الفيروسات بمشفى شاريتي في برلين، وفي 2003 كان أحد مكتشفي فيروس كورونا "سارس"، وفي بداية عام 2020 طور أول اختبار على مستوى العالم لتشخيص "سارس كوف-2″، فيروس كورونا المستجد. ومنذ بداية انتشار الوباء بات معروفا كخبير لدى جمهور واسع جدا في المانيا.

وفي مقابلة مع "دويتشه فيله" تحدث دروستن عن مجموعة من المحاور نستعرضها هنا:

إلى متى سيتوجب علينا التعايش مع وباء كورونا على مستوى العالم؟
من الصعب التوقع بذلك عالميا، لدينا أوضاع مختلفة وصعبة في أوروبا، وفصل الشتاء لن يكون سهلا، في العام المقبل ستتوفر اللقاحات، وأعتقد أن الأمر سيستمر حتى نهاية العام القادم حتى يتوفر اللقاح لفئات محددة من المجتمع، ولن نتخلص من الكمامة سريعا؛ لأنه حتى لو بدأنا بالتلقيح، فإن الجزء الأكبر من السكان سيتوجب عليه استعمال الكمامات.

وفي بلدان مثل ألمانيا حيث يوجد عدد قليل من الإصابات لن تكون هناك مناعة على نطاق واسع، وهذا قد ينطبق على بلدان أوروبا الأخرى أيضا، ومن الصعب إطلاق تقديرات خاصة في مناطق أخرى من العالم، أما في إفريقيا يبدو أن تطور المرض أقل خطورة، وهذا قد يعود للبنية العمرية الفتية؛ لكننا الآن ننظر فقط إلى المراكز الحضرية حيث يعيش الكثير من الشباب.

ونحن لا نعرف كيف يتطور الفيروس عندما ينتشر في الريف، ولا نعرف كذلك وضع الوباء هناك، إذ يوجد بيانات تفيد بأن الإصابات تتراجع؛ لكن لا نعرف هل بإمكاننا تعميم هذا الشيء؟ وفي المدن قد يضعف الوباء؛ لكنه من الممكن أيضا أن يبدأ الآن بالانتشار الفعلي.

ما هي المناطق التي تنظرون إليها بقلق؟
الهند تثير قلقي الأكبر حاليا، فهي ذات كثافة سكانية عالية والفيروس ينتشر هناك، لن أقول بدون تحكم؛ لكنه تقريبا كذلك، ثم بالطبع مناطق في أميركا الجنوبية، والقارة الأفريقية تمثل حاليا لغزا صغيرا، وفي الجزء الشمالي من الكرة الأرضية يحل الشتاء، وهناك مناطق بينها أوروبا حيث توجد سيطرة محدودة على الفيروس، وبعض البلدان تنتقل بكثير من حالات الإصابة بكورونا إلى فصل الشتاء، والثقة في البنية التحيتة الطبية والرعاية الصحية محدودة، كما أن هناك بلدان في أوروبا أعتقد أنه يتوجب عليها أن تتخذ قريبا إجراءات أكثر صرامة.

بعض البلدان تنظر إلى ألمانيا كقدوة، ونموذج يحتذى في التعامل مع الوباء. ما هي الإجراءات الصحيحة التي تتخذها ألمانيا؟
هناك بالتاكيد العديد من الأسباب، وأحد الأسباب يتمثل في التعامل المباشر والحاسم في بداية الموجة الأولى، ونهج المستشارة أنجيلا ميركل حينها، وفي هذه الأثناء تراجع بعض الشيء تضامن الولايات الألمانية؛ لكن الجانب الحاسم هو أن رد فعل ألمانيا كان مبكرا، ليس فيما يتعلق بالتاريخ؛ بل فيما يرتبط بالتوقيت النسبي الذي فُرضت فيه قيود على التواصل وأحيانا الحجر الصحي، وذلك بالمقارنة مع التطور الفعلي للوباء.

وبفضل تجارب المختبرات والتوفر الواسع للاختبارات يمكن التمييز بين ألمانيا ودول أخرى، وسبب آخر يتمثل في أن الوباء بدأ بالانتشار عندنا متأخرا نوعا ما. فحالات كورونا الأولى القادمة من الخارج لم تتطور في يناير/كانون الثاني إلى وباء؛ بل بدأ الانتشار الواسع من نهاية فبراير/شباط، وأمكن السيطرة على الحالات القادمة من الخارج فلم تتوسع، وهذا هو ربما السبب وراء فعالية سلوكنا، وبعد الحجر الصحي ابتداء من منتصف مايو/ أيار لم تبق إلا حالات قليلة في ألمانيا، وظل الوضع على ما هو عليه، وهو كذلك حتى الآن، ولو أن لدينا ارتفاعا طفيفا في الإصابات.

الآن نحن في الخريف والشتاء ما يزال أمامنا، ما الذي سيحصل حسب اعتقادك؟
أعتقد أن هناك اختلافات قليلة بين البلدان الأوروبية فيما يخص البنية السكانية وبعض المعايير الأخرى، يجب علينا بالتالي النظر إلى الآخرين، إلى فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، وما نراه هناك سنراه في ألمانيا أيضا إذا لم يكن رد فعلنا مبكرا حتى يكون الوضع قابلا للتحمل بالنسبة إلى الاقتصاد؛ إنها مهمة صعبة إيجاد التوقيت الصحيح الذي يجب علينا فيه تغيير الإجراءات المتخذه حاليا، والتي لا يمكن انتقادها.

تقول علينا التعايش طويلا مع الكمامة، متى يمكننا التعانق من جديد؟
ستكون قضية إقليمية تماما، ولن أتعجب إذا ما بات لدينا في أجزاء من العالم العام المقبل سكان محميون؛ لكن هذا يعني أنهم مروا بوباء لم يظهر قويا بسبب البنية العمرية (مجتمعات فتية)، وقد يكون هذا الحال مثلا سائدا في أفريقيا، وعلى الأقل أتمنى أن يحمي العمر الفتي السكان الأفارقة.

وفي أجزاء أخرى من العالم حيث يقوم الأمر على تفادي انتقال الفيروس، وانتظار استخدام لقاح يمكن لنا توقع أننا سنستخدم الكمامات حتى نهاية عام 2021. ومن المستحيل التنبؤ؛ لكن السنة المقبلة ستكون سنة نستخدم فيها الكمامات.

المصدر : دويتشه فيله