الوزير الأول القادم و حكومة المأمورية الثانية !

بعد الإعلان المؤقت عن نتائج إقتراع السبت الموافق 29/06/2024 ، إشرأبت الأعناق لمعرفة الشخصية التي ستكلف برئاسة الحكومة، و أفراد طاقمها، ليس من قبيل الفضول، و إنما لأهميتها في تحديد معالم مأمورية الرئيس المنتخب الثانية، و معرفة الاستراتيجية المناسبة من وجهة نظر سيد القصر، للوصول إلى أهدافه التي إلتزم بها أمام ناخبيه.
و للوقوف على شخصية رئيس الحكومة و وزرائه، سيتم التعرض لثلاث خيارات لثلاث حكومات، كل واحد منها تعكس نمط الحكم الذي سيطبع فترة إنتدابه.
الخيار الأول ( الأمثل):
يستند أصحاب هذا الخيار على مدى إستعاب السيد الرئيس الفائز لمتطلبات المرحلة، و ذلك بعد وقوفه على الواقع المعيشي، أكثر من أي وقت آخر، و معرفة حقيقة حجم الإنفاق الهائل، الذي رُصد لتنمية ولايات الوطن، و الذي لا يتناسب مع واقع السكان المُزري، لدرجة أنه في بعض الأحيان صرح بأنه لم يكن يتصور وجود مواطنين دون ماء و كهرباء.
كما أن إحساسه بحجم معاناة الشباب و حرمانهم من مقدرات بلدهم، جعلته يدرك تماما أن عشرات المليارات، التي رَصد خلال المأمورية المنصرمة، لتمويل مشاريع مدرة للدخل و برامج التكوين المهني و الوظيفي ذهبت أدرج الرياح، مما جعله يتعهد بإنشاء وكالة مستقلة ماليا و إداريا لتدارك وضعية الشباب؛
و تؤشر نتائج فرز صناديق الإقتراع و خاصة نتائج العاصمة الإقتصادية ( نواذيبو) و العاصمة السياسية و الإدارية نواكشوط ( ولايات العاصمة الثلاثة) وعاصمة الترارزة (روصو)، إلى أن مراكز الوعي و القوة العاملة و التنوع الديمغرافي، لم تصوت لفخامة رئيس الجمهورية الفائز بالشكل المتوقع منها، مما يتطلب دراسة لأسباب هذا التصويت و وضع الحلول المناسبة قبل أن ينتشر الداء.
على ضوء التحليل السابق، و إنطلاقا من نوايا السيد الرئيس المعلنة، يرى أصحاب الخيار الأول أن مرسوم تعيين الوزير الأول، الصادر عن رئاسة الجمهورية سيكون من نصيب شخصية وطنية ذات كفاءة عالية و مشهود لها بالإستقامة و التعفف عن المال العام، و سيكون لها الدور الكبير في إختيار طاقم حكومتها، و سنشهد و لأول مرة في عهد صاحب الفخامة، حكومة كفاءات وطنية خالية من ممثلي الحرس القديم و فرسان العشرية.
يعتبر هذا الخيار ميثالي و يجسد قوة و صدق فخامة رئيس الجمهورية، ويتطابق مع ما قطع على نفسه من وعود إنتخابية، و هو الأقرب لتحقيق آمال و أحلام الشعب، لكن إكراهات الواقع و حضور اللوبيات المستفيدة من واقع الفساد، قد يؤجل إعتماده؛

الخيار الثاني( الأرجح ):
أن يميل السيد الرئيس الفائز إلى إعتماد منهج التدرج، و يؤجل معركة تصفية المفسدين إلى حين إضعاف نفوذهم و حضورهم، و يصدر مرسوم تعيين الوزير الأول، لصالح شخصية مغمورة تخضع لمنطق التوازنات الضيق، و أن تُشكلَ الحكومة من شخصيات جديدة على المشهد السياسي و أخرى من الحرس القديم و فرسان العشرية، و تضم شخصيات سياسية و أخرى تكنوقراط، تخضع لقانون المحاصصة التقليدي ( الفئوية و الجهوية و القبلية)، قد يكون بعض أفراد حكومة هذا الخيار أكفاء.
و رغم رجاحة هذا الخيار، و أنه يجمع بين شخصيات إصلاحية و أخرى من الحرس القديم و فرسان العشرية مما يجنب الصدام، إلا أنه يبقى دون سقف آمال و طموحات الشعب من جهة و من جهة أخرى لا يتناغم مع معالم الطريق التي حدد فخامة رئيس الجمهورية الفائز لمأموريته الجديدة؛
الخيار الثالث ( الأسوأ):
أن يعمد رئيس الجمهورية إلى تعيين الوزير الأول من الحرس القديم أو فرسان عشرية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، و أن يكون طاقم الحكومة من قائمة الحكومات الماضية، و أن تظل الوظائف الحكومية دُولَةً بين لوبيات المأمورية السابقة، و مما يعزز فُرَصَ إعتماد هذا الخيار، قوة لوبيات الفساد و حضورهم في أغلبية مراكز صنع القرار و المال، لكن في المقابل سنحصل على نفس النتائج التي حصدنا خلال المأمورية الأولى، مما سيضاعف معاناة الشعب و بخاصة الشباب، و سيتلاشى أمل التغيير، و تتأكد النظرية القائلة بضعف شخص الرئيس الفائز، و أنه غير قادر على تخليص البلاد و العباد من المفسدين، و يجعل الدولة على حافة الإفلاس أو الإنجرار إلى الفوضى… و يعتبر هذا هو أسوء خيار .
تبقى الخيارات الثلاثة قائمة، و لكل واحد منها مبررات إعتماده، إلى حين صدور مرسوم تعيين رئيس الحكومة و أفراد طاقمها.

نسأل الله التوفيق…

 

 د محمد الأمين ولد شريف أحمد

إضافة تعليق جديد