الإعلان عن زيارة يقوم الوزير المكلف بعملية التحسيس للتسجيل على اللائحة الإنتخابية نهاية الأسبوع للولاية واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية ؛ جعل الوجهاء و وزرائها وأطرها ودُمَاهم من المنتخبين يجددون صلاتهم القديمة بناخبين يتم استغلالهم عند الحاجة كوقود للاستقبالات وخزان للأصوات وتتم دغدغة عواطفهم بكثير من المكر، لدواعي "المحافظة على المصلحة العليا للمجموعة لا لشيء إلا لتأمين استمرار هيمنة أولئك البارونات على المشهد المحلي والمضاربة بنتائج تلك الهيمنة في سوق المناصب بنواكشوط.
تتباهى المجموعات والأحلاف بوفرة العدد والممتلكات وبالبذخ الكاذب والكرم الزائف الذي لا تستفيد منه على الأقل القاعدة العريضة للقبيلة التي ليس لها سوى الاستغلال والنظرة الاستعلائية من طرف أسياد وشيوخ وحاشيات، يضنون على من يستغلونهم حتى بالشعور بالأسى على ما يكابدونه من مشقة في سبيل تحصيل لقمة العيش.
ستصتك خلال الأيام القليلة القادمة المسامع في كل مكان من آدرار بطبول السماسرة الحالبين لمزايا النظام وستملأ غبار سياراتهم كل الفضاء، في تحد سافر للدولة لكن أيضا في استهزاء دنيء بمشاعر أغلبية سكان الولاية المتروكين للإهمال في ظل ظروف حياة تزداد قساوتها يوما بعد يوم بوتيرة تجاوزت بكثير قدرة المواطن على التحمل وحولته إلى كتلة من القلق والخوف على حاضره ومستقبل أبنائه.
من يستطيع أن ينكر اليوم أن آلاف المواطنين في الولاية محرومون حتى من الحصول على جرعة ماء صالحة للشرب؟ وأن أكثر منهم محرومون من الحصول على خدمات حساسة مثل التعليم ؟ ومن الذي داخل الولاية لا يتأثر اليوم بمطاردة أسعار تحول حياته وحياة ذويه إلى جحيم؟
لن يتحدث من يعودون اليوم بأجسامهم الرطبة وبطونهم المتخمة إلى الولاية عن كل ذلك بالتأكيد ولن يقدموا أي حل لأي من المشاكل المطروحة، لأن مهمتهم محددة بشكل دقيق، ولأن التجربة أثبتت لهم أن عقار العاطفة القبلية وسياسة "فرق تسد" ما زالت كافية لتخدير البؤساء وأن أي تحسن في ظروفهم المادية والمعنوية قد يعجل بخروجهم من حظيرة الاستغلال والامتهان.
ما يهم هذه العينة من البشر أن تمتلأ صناديق الاقتراع في الانتخابات القادمة لمصلحتهم وأن يعودوا بعد ذلك إلى مناصبهم في العاصمة نواكشوط كنواب ووزراء ومدراء ورجال أعمال وقطط سمان يعيثون في الأرض فسادا خلال السنوات الخمس القادمة. أما باقي سكان الولاية المستكينين لهذا الوضع المهين، فلن يكون نصيبهم أكثر من اجتماعات قبلية وأحاديث زائفة عن الأخوة والأهلية والتاريخ المشترك!
والسؤال الذي يتكرر على الدوام أما آن للسكان أن يفهموا لعبة المستفيدين من وجهاء وأطر ومنتخبين ليوقفوهم عند حدودهم، وليراجعوا لحظة من الزمن مواقفهم ويحتكموا إلى عقولهم أملا في كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها الولاية؟
إضافة تعليق جديد