كتب عنه سيد محمد المعروف ب "إكس إكرك،وقال هو:
صمبا يال گي، المعروف بـ "كونكورد گيْ"، و"صامبا أبيدجان"، و"صامبا لافاييت".
هنون بهدل زمانه. رجل الأعمال الشهير والحجاب الثري صاحب الخاتم المرصود..
ينتمي "صامبا يال گي" لأسرة بولارية تنحدر من "دونگيل" على مرمى حجر من كاس-كاس، الملتصقة بضفة نهر السنغال التصاق السنام بظهر الجمل، وهي إحدى قرى "إيل مورفيل" الواقعة بقلب مدينة تكرور، إحدى أقدم الولايات الإسلامية في جنوب الصحراء الكبرى ومركز التجارة عبر الصحراء والتي تتميز بسحرها وجمالها ومائها النمير العذب القادم من أعالي جبال فوتا جالون، وتمتد بين نهرين نهر السنغال شمالًا ونهر دوي جنوبًا، وعرفت بكثرة الفيلة وازدهرت بها تجارة العاج، ومن هنا جاء اسم "مورفيل" الذي يعني العاج.
هاجرت عائلة "صامبا يال گي" من "دونگيل" واستقرت بمنطقة كيهيدي.
ولد صامبا يال گي سنة 1960 في كيهيدي، وبه نشأ، لم يتلق تعليما (معينا) بل كان شكل تعليميه أقرب لـ (شبه المنحرف) لأنه لم يدخل المدرسة بل تعلق حدثا بلحجاب والحكمة (الكحلة) وانتقل مراهقا في منتصف السبعينيات إلى العاصمة نواكشوط ومنها إلى كينشاسا عاصمة زائير(الكونغو).
الطريق الى الثراء والنعيم..
كان رئيس زائير الماريشال موبوتو سيسي سيكو، مولعا بالسحر ولحجاب، يعتمر قبعة رقطاء من فراء النمر، تمثل التاج والقداسة لسادة قبيلة "بانتو" الذين يعتبرون جلد النمر مقدسا، ويلوح بعصا سحرية، يعتبرها (عصا المارشالية) ويقول الناس إن بها سحرا يقهر به أعداءه.
إلى زائير أرض الثروات (الذهب والنحاس والكوبالت) والمارشال المسرف، جاء كونكورد گي يحمل بيده خاتمه السحري الذي أعطاه له شيخه الحجاب العتيد ذات خدمة في كيهيدي، فلقي المارشال موبوتو الذي أيقن أن گي سحار عليم لن يلاقي سماسرته أحسن منه ولو بعثوا في المدائن حاشرين. فصحبه وكان ماكان..
عرفه موبوتو على رئيس الغابون الحاج عمر بونغو، وصهر الأخير رئيس الكونغو برازفيل دنيس ساسو نگيسو، فبَهر كونكورد گي بخاتمه المرصود عقول الزعماء الثلاثة فأغدقوا عليه المال والذهب بلا حدود، وانفتحت أمامه أبواب قصور رؤساء وملوك إفريقيا.
اقتنى طائرة خاصة تنقله رخاء إلى حيث يشاء، وشرع في بناء قصره قرب (طب چا) بمقاطعة السبخة، وبنى مسجدا كبيرا في مدينة كيهيدي دشنه العلامة محمد سالم ولد عدود.، وكان ذوو الاحتياجات الخاصة يتجمعون أمام مسجده كلما زار كيهيدي فيهرع إليهم يوزرع رزم المال، وفي رمضان كان يوزع تذاكر الحج على الناس.
وجهر المستشفى الجهوي بكيهيدي وأمده بسيارات إسعاف.
كان حين يصل مطار نواكشوط يستقبله رتل من السيارات الأمريكية الفارهة يمتطي إحداها وينطلق الموكب، وعلى طول الطريق بين المطار القديم ومحل إقامته يحتشد الناس ويظل كونكورد گي يرمي من نافذة السيارة غير المسرعة بالأوراق النقدية والناس يتلقفون ما يرمي
وأمام محل إقامته يحتشد الفنانون (إكور وبظان) والشعراء بالفصحي واللهجات الشعبية، والسآلون الذربون يمجدون ويمدحون ويتناشدون وهو يوزع رزم المال دون كلل.
قد جعل المبتغون الخير في هرم :: والسائلون إلى أبوابه طرقا
ذات استجداء مدحه أحدهم بقصيدة ضمنها بيت المتنبي:
وَأخْلاقُ كافُورٍ إذا شِئْتُ مَدْحَهُ :: وَإنْ لم أشأْ تُملي عَليّ وَأكْتُبُ
وبرّكَ عليه الفنانون لشوار وأنشأؤا لبتوت.
غنى له الفنان السنغالي العالمي يوسو اندور أغنيته الشهيرة (يارو) التي أشاد فيها بكرمه ونبل محتده، وغنى له بابا مال، وآمي كويتا.
حين يصل نواكشوط ينزل ملاحو الطائرة في فندق نوفوتيل دون معرفة موعد الرحلة القادمة، لأن موعدها يحدده مزاج الزعيم كونكورد گي، لايهمهم الأمر فالإقامة والنفقات على حساب الزعيم الذي لا يتأخر في دفع الفواتير،
في رياضته الصباحية تصطف الناس على طريق ذهابه وعودته، وفي ذهابه وعودته يظل يرمي بالأوراق النقدية والناس تلتقط.
في باريس عرف كونكورد گي، باسم "صامبا لافاييت"، samba la fayette، حيث كان يحجز على الدوام طابقا كاملا بجميع غرفه من فندق لافاييت، على حسابه مع (بوفيه مفتوح) يشمل كل مال ذ وطاب وتوصية بأن يوفر لكل نزيل ما يطلبه.
وفي مطبخ الفندق يعد طباخو كونكورد گي، الوجبات الخاصة.
في الطابق غرف تضم زوجاته، وغرف للطباخين، غرف لرفاق الرحلة.
وفي القاعات الفسيحة يركّب الفنانون أژوان يمجدون الزعيم
وتصبح التيدناتن طايبه في (لَگّـتْرِي) ارديف (جينَّه) ابياظ الجانبه البيظه) (اصبوح اولاد العالية)
لايفتر كونكورد گي عن سماع تمجيد الفنانين له ولايمل الفنانون من التمجيد، في الفندق أو في الشارع أو في الطائرة، ولايسأم هو من توزيع رزم النقود..
والطائرة رابضة تستعد للإقلاع في أي وقت شاء الزعيم وإلى أي وجهة.
وربما امتطى الطائرة ليتعشى في باريس ويتناول الغداء من غده في الرياض ويفطر في اليوم بعده في مسقط.
من الفضائح المجلجلة أنه وصل به الأمر إلى منح رئاسة الجمهورية في المنتبذ القصي أسطولا من السيارات الأمريكية بسقف قابل للطي ظلت لسنوات في الخدمة تذكرنا بالمستوى الذي وصلت له موريتانيا، كما يقول أحد الكتاب.
من القصور الى السجن والمرض..
دار الزمن دورته وأفِلت سعود كونكورد گي، وانقلبت رياحه شمائل ونعب الغراب عن يساره، وقلب له الدهر ظهر المجن.
أطيح بموبوتو الذي مات طريدا في المنفى وهو من كان (مصمار كلابة) كونكورد، وفقد الزعماء ثقتهم في سحره، فلم يعد مرحبا به في القصور، بل يتم توزيعه كلما اتصل.
وحين فقد التمويل وبدأ الناس ينفضون من حوله، بدأ في البحث عن البديل، وفي عملية احتيال في الإمارات قبض عليه ورمي في سجن الوثبة المركزي في أبوظبي سنين عددا لم يسأل عنه سائل.
بعد إطلاق سراحه ذهب للعلاج في فرنسا لكن المرض اشتد به وهو عاجز عن شراء حبة دواء، وظل بعض المحسنين من أصدقائه القدامى يمدون له يد العون بجهد المقل إلى أن أسلم الروح إلى بارئها سنة 2020 مغتربا وحيدا معدما لا يذكره ذاكر عفا الله عنه ورحمه وغفر له.
نقلا عن موقع الحوادث
اقرأ ايضا في وكالة تونكاد أنفو
إضافة تعليق جديد