من الحرس القديم إلى شباب العشرية...
برنامج تعهداتي طموح، و يسعى إلى تحقيق الرفاه للشعب الموريتاني و تعميم العدالة، و المتتبع لفقراته يدرك أن هذا البرنامج ينطلق من مبادئ و أساسيات تنسجم مع ديننا وقيمنا، و يسعى إلى تحقيق طموحات شعبنا، برنامج كامل المبنى و المسعى يغطي فترة زمنية محدد كفيلة بتنفيذه، مما يجعله واقعيا قابلا للتطبيق، و هذا ما يفسر إلتفاف أغلبية الناخبين حوله و التصويت لصالحه بكثافة كبيرة منحت فخامة رئيس الجمهورية المرور في الشوط الأول.
بالرجوع إلى بدايات الشروع في تنفيذ برنامج تعهداتي، يلاحظ أن غالبية الفريق الذي أنتدب لهذه المهمة السامية، كانوا من التكنوقراط المغمورين، بالإضافة إلى النزر القليل من الدائرة الخاصة، و أن فريق التكنوقراط تنقصهم التجربة في تسيير الشأن العام، و معرفة خبايا الإدارة و طبيعة الموظف العمومي، و أصطدموا بالواقع العصي أمام النظريات الحديثة لعلم الإدارة، و يمكن القول بأن الفريق جميعا عجز عن تجسيد برنامج تعهداتي على أرض الواقع. ويلاحظ المهتم بالشأن العام أن فخامة رئيس الجمهورية، و بعد إدراكه بأن هذا الفريق غير قادر على تحقيق أهداف برنامج تعهداتي، اعتمد استراتجية جديدة تقوم على الإحتفاظ بعناصر الدائرة الخاصة بحقائبها الوزارية، و الدفع بأطر من الحرس القديم، إلى مناصب قيادية في الحكومة وعلى رأس مؤسسات عمومية مهمة، بحجة التجربة و معرفة الإدارة و القدرة على إكتساب الشعبية، لكن و بعد مرور أربع سنوات من المأمورية، إتضح أن الثقة في هذا الرعيل من الأطر لم تكن في محلها، و إقتصر أداؤهم على تحصين أنفسهم من أي تغيير قادم من خلال تعيين الأطر المحسوبة عليهم في أهم مفاصل الإدارة و الإستحواذ على أكبر قدر من الميزانية العامة...، و نظرا لجمود المشاريع المجدولة على قائمة الإنجاز، و ارتفاع كتلة الرواتب بشكل كبير بسبب الأعداد الضخمة من الأشخاص التي تم التعاقد معها، و تنامي ظاهرة فساد التسيير المالي في بعض القطاعات، إنزعج رئيس الجمهورية من الوضع القائم و صرح في مناسبات عديدة بأن حجم الإنجاز لا يتناسب مع الإمكانيات المرصودة و الصلاحيات الممنوحة، مما جعله يستعين بفئة شباب العشرية السابقة و التي كان أداؤها في الموسم الإنتخابي الأخير مقنعا، لتبدأ مجموعة أطر العشرية هذه في التموضع من خلال الدفع بأطر مضموني الولاء على حساب الكفاءة و نظافة اليد من المال العام...
نجم عن إستراتجية إسناد المهام الأساسية للدولة طيلة الأربع سنوات الأخيرة عن وجود فريقين متصارعين بشكل قوي على أهم مناصب القطاع العام، يصل أحينا إلى درجة التلاسن في جلسات مجلس الوزراء و أمام فخامة رئيس الجمهورية.
بشكل عام و إنطلاقا من تسلسل الأحداث، يمكن القول بأن الفرق التي أشرفت على تنفيذ برنامج تعهداتي من بداية المأمورية، إلى حد الساعة ما زالت عاجزة عن الوصول لأهداف برنامج تعهداتي السامية، و ما زالت الأمور تدار بالعقلية القديمة، عقلية إسناد المهام و المشاريع و أحيانا الحقائب الوزارية إلى المنضوين تحت خيمة الحلف الواحد، و تبقى سمة الصراع بين الأحلاف هي الظاهرة المسيطرة على المشهد السياسي الآن، و هي السبب وراء ضياع برنامج تعهداتي الى حد الساعة...
و أمام هذا الواقع الضبابي، و إنطلاقا من القناعة الراسخة بأن نجاح برنامج تعهداتي كفيل ببناء دولة الرخاء و العدل، فإننا نهيب برئيس الجمهورية أن يتلافى فيما بقي من الأمورية برنامجه الإنتخابي الطموح القابل للتنفيذ، من خلال كسر فلسفة التعيين القائمة على تدوير أطر الحرس القديم و شباب العشرية، و خلق فريق ثالث من الأطر المتميزين، تاريخهم يشهد عليهم بالكفاءة و الإستقامة في التسيير، لا يخشون سطوة نافذ و لا صراخ مطبل، قادرين على وضع برنامج تعهداتي على السكة و الوصول إلى أهدافه الطموحة.
إضافة تعليق جديد