أيها الناخب العزيز، ستتوجه يوم 13 مايو إلى صندوق الاقتراع للتصويت من أجل اختيار الأصلح لتسيير شؤونك وشؤون بلدك خلال الخمس سنوات القادمة، ولتأدية هذا الواجب على الوجه المطلوب ينبغي لك أن تضع في الحسبان أهمية صوتك، وأن الله سائلك عنه يوم لا ينفعك قريب ولا حليف، واعلم أعزك الله أن أهم سلاح تمتلكه في معركة التغيير المنشودة هو صوتك، وعليه فلا بد من التفكير وحسن التقدير قبل الحسم في أمر التصويت.
تذكر أيها الناخب أن صوتك أمانة والأمانة لا تؤدى إلا إلى أهلها (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) فإذا صوت لمن تتوسم فيه الكفاءة والأهلية للقيام بواجب خدمة الناس على الوجه المطلوب فأنت شريك في الأجر فيما سيحققه مما ينفع الناس ويمكث في الأرض، والعكس صحيح في حال منع الأصلح من صوتك وإعطائه لمن لا يستحقه، تحت تأثير بعض الاعتبارات التي لا تستند إلى أساس شرعي ولا قانوني.
اللحظة عزيزي الناخب لحظة تجرد من العواطف، لحظة محاسبة ومفاضلة بين المترشحين على أساس معايير موضوعية، أهمها الكفاءة والأهلية وحسن السيرة والسريرة، من أجل إحداث تغيير إيجابي يعطي للناس فرصة لتحقيق تطلعاتهم و آمالهم في الوصول إلى ظروف عيش أفضل، على أيدي أبناء البلد الطامحين للوصول إلى مناصب تمكنهم من خدمة وطنهم وشعبهم، من خلال استغلال ما أولاهم الله من الكفاءة والنزاهة، ولا تصوت عزيزي الناخب لمن سبق وأن أثبت فشله بنفسه على نفسه، جراء سوء التسيير والتفريط في مصالح الناس واستغلال النفوذ والمكانة لتحقيق مكاسب شخصية أنانية ضيقة، فترشح هذا الصنف من الناس غير مقبول أصلا، لما فيه من إهانة للناخب واستخفاف بعقله، وأفضل ما يخاطب به المفسدون والانتهازيون بعد جراءتهم عل الترشح هو لغة صناديق الاقتراع.
كان من المفترض أن تكون تزكية الأحزاب للمترشحين خاضعة لمعايير عادلة، تراعي مصالح القواعد الشعبية قبل المصالح الشخصية والحزبية، غير أن ما شاهدناه في كثير من الترشيحات كان مخالفا لذلك وللقواعد الديمقراطية السليمة، فالأحزاب عندنا لا ترشح في أكثر الحالات على أساس النضال، ولا على أساس الكفاءة والقرب من القواعد الشعبية وخدمتها، كما أن الحملة الانتخابية تبدو باهتة وفاقدة للطعم الديمقراطي الطبيعي، مثل نقاش الأفكار والمناظرات بين المترشحين، بدل الوعود التنويمية الفاقدة للمصداقية في أغلبها، والتي لا تلزم إلا من يعتقد فيها كما قال الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، وإنفاق الملايين على إنتاج الأناشيد والأصوات الصاخبة، التي لو تم استثمارها لصالح الشعب لكان أجدى وأنفع للناخب والمنتخب.
أيها الناخب العزيز ارفع من سقف طموحك لتصنع مجدا لك ولأولادك وأحفادك من خلال منح صوتك لمستحقه، حان وقت تحرير العقول وتطور العقليات حتى يسطع نور العدالة وتتحقق التنمية السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية، ولن يتحقق ذلك عزيزي الناخب ما دامت أقليات صغيرة تتحكم في مصير الجموع الغفيرة وتحول شعوب بأسرها إلى قطعان تساق وتباع في سوق السياسة وهي تظن أنها تخدم الوطن بكرامة وحرية.
من المهم أن تميز أيها الناخب العزيز بين الدعاية الوهمية والتواصل الإيجابي من أجل شرح برامج انتخابية عقلانية قابلة للتطبيق، والأهم من ذلك أن تدرك أن مستقبلك بيدك، ولا بد لك من اليقظة وتحكيم الضمير والموضوعية في الاختيار حتى يكون صوتك لك لا عليك.
حفظ الله موريتانيا من كل شر.