تتالى الأخبار السارة التي تحمل بشرى أمنية عن فك لغز هروب أربعة عناصر إرهابية من السجن في العاصمة.
وليس هناك أدنى شك أن الأمن الموريتاني قوي بما يكفي لتتبع كل خيوط تلك العملية الإجرامية الوحشية وكشف كل تفصيل فيها.
ويعتبر مراقبون للشأن الأمني الموريتاني أن جهاز الشرطة الوطنية بكل فروعه يتمتع بكفاء عالية ؛ إذ لاتوجد قضية جنائية مسجلة ضد مجهول ؛ فمتوسط الوقت العملي لكشف ملابسات الجرائم من كل نوع يقع في حدود 72ساعة ؛ وقد يتقلص لحدود 24 ساعة .
وقد تحسن وقت الاستجابة للحوادث والبلاغات.
مع وجود تداخل ملحوظ في الاختصاص بين الدرك والحرس والشرطة في العاصمة سببه عدم توحيد الغرفة الأمنية بين هذه القطاعات ؛ فقد يتصل مواطن بأحد أرقام الطوارئ فيقول له أحدهم أنت لا تعيننا لأن مقر سكنك يتبع الحرس أو الدرك مثلا ؛ أويرد عليه صوت آخر من الدرك أو الحرس ليقول له مقر سنك يتبع لشرطة النجدة.
وفارق الوقت في البلاغات الأمنية الخطيرة لمواطن يبحث عن نجدة لابد أن يختزل عبر آلية موحدة لغرفة استجابة الطوارئ لكل مؤسساتنا الأمنية أو تتولى غرفة العمليات غير المعنية إبلاغ القطاع المعني وتزويده ببيانات المتصل .
ويظل أداء أجهزتنا الأمنية رغم ذلك بين مستوى جيد وجيد جدا.
وكل ذلك الأداء الجيد للشرطة يحدث في ظرف نقص الوسائل المناسبة والحاجة لرفع كم القوة البشرية ورفع مستويات التأهيل والتطوير؛ وعزوف المواطنين عن الإبلاغ عن الحوادث الأمنية في حيهم؛ وبلاغات المواطنين عامل مهم يساعد في أمنهم ؛ فورود بلاغات سرقة للبيوت مثلا بصورة متزايده في حي معين يدفع الجهة الأمنية المعنية إلى تشكيل خلية متابعة تقضي بسرعة على ذلك الخرق الأمني.
فلابد من تعاون السكان مع الجهات الأمنية لتحقيق الأمن الشامل.
وقد شهد هذا القطاع تطورا ملحوظا منذ تولى الرئيس ولد الغزواني قيادة البلد.
إلا أن قطاع الشرطة تأثر كثيرا بالصراع السياسي في العشرية الماضية وقبلها ؛ فالرئيس الأسبق معاوية جمد تقريبا الاكتتاب في هذا القطاع برهة من الزمن وكذلك فعل الرئيس السابق الذي كان يعتبر قطاع الشرطة قوة تخدم خصمه (الرئيس الانتقالي الأسبق والمدير العام للامن فترة طويلة السيد اعل ولد محمد فال رحمه الله ).
وكثيرا ما كان الرئيس السابق عزيز يحتك بالشرطة وهو قائد للحرس الرئاسي .
ويبدو تعداد الشرطة الوطنية في الوقت الراهن غير متناسب مع الكثافة السكانية في العاصمة وبقية مدن الوطن ؛ رغم الحاجة لزياد عدد وعدة الشرطة الوطنية لتواكب أمواج الهجرة الأجنبية المتفاقمة بالعاصمة والوطن كلها .
ورغم ذلك كله تستحق شرطتنا الوطنية كامل التقدير والدعم ؛ خاصة أن قائدها العام جنرال ذوخبرة وحس وطني قادم من قيادة مؤسسة أمنية أخرى هي الحرس الوطني ؛ فالجنرال مسغارو ولد اغويزي نفذ برنامج الرئيس ولد الغزواني في مجال الأمن أكمل تنفيذ.
ويظل الدرك الوطني الموريتاني عنوانا للثقة والتميز في كل الظروف؛ لكنه قطاع يحتاج أيضا للمزيد من التطوير ورفع مستوى الكفاءة ؛ خاصة وحداته النوعية التي تتولى مسؤولية ملاحقة الإرهابيين والاشتباك معهم إن لزم الأمر.
وقد قدم الدرك الوطني تضحيات جسيمة دفاعا أمن البلد واستقراره.
وتبدو بصمة الجنرال بلاهي ولد أحمد عيشه قائد أركان الدرك في ذلك بارزة تماما.
وكما نحتاج لرفع تعداد الشرطة كما وكيفا فحاجتنا لمثل ذلك في سلك دركنا الوطني أكبر.
فعلى عاتق الدرك مهام أمنية كبرى تتجاوز حدود المدن إلى كامل التراب الوطني.
لكن الأخطاء أثناء تنفيذ عمليات الملاحقة والاشتباك مع الإرهابيين والمهربين لابد من الاستفادة بها.
إن لدى قواتنا الأمنية مخزون من الدروع الواقية من الرصاص وكذلك مغافر ضد الرصاص ؛ وكان يفترض أن لاتستعجل الوحدة التي اشتبكت مع الإرهابيين قرب المداح في الاشتباك معهم.
لقد تم رصد الهدف والتعرف عليه ؛ وعلى موقعه ؛ وكان الأنسب تطويقه من كل جهة لمنع هربه والاتصال عبر النسق لتأمين التجهيزات الاحتياطية اللازمة لتحييد الهدف دون خسائر .
أو الشراكة مع الجيش وقواته الخاصة وتجمع الأمن الرئاسي .
هم أربعة قتلنا منهم ثلاثة وقتلوا ثلاثة منا ؛ فصارت الصورة تعادل بين مؤسساتنا الأمنية وخلية الإرهابيين ؛ وهذا غير معقول ولامقبول .
أدرك تماما خصوصيات الاشتباك مع إرهابيين محكوم عليهم بالإعدام ؛ وهذا ما كان على سرية الاشتباك معهم أن تدركه.
على كل حال الرحمة لشهدائنا
وتحية إجلال وتقدير لكل أبناء المؤسسات العسكرية والأمنية التي تعمل ليلا ونهارا على تأمين بلدنا وشعبه.
إن هذه المؤسسات السيادية تستحق مخصصات أكبر في الميزانية ودعما أكبر منا جميعا لأنها هي أول خط للدفاع عن الوطن وآخر خط يحمي بلدنا من التفكك والاندثار
مركز دعم صناعة القرار
الرئيس عبد الله ولدبونا