إضافة تعليق جديد

حين يفصح الرئيس عن إحباطه من أداء الحكومة... أنباء عن تعديل وزاري وشيك

عبر الرئيس محمد ولد الغزواني عن حالة غير مسبوقة من الإحباط من أداء حكومته وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ برنامجه الانتخابي "تعهداتي" الذي لم يشهد أي تقدم يذكر منذ تنصيبه.

وسبق ذلك تكرار التوجيهات لأعضاء الحكومة بتقريب خدمات قطاعاتهم من المواطنين، وهو ما أدرك أنه لم يتحقق على مستوى أغلب القطاعات الحكومية حيث يعيش أغلب وزراء الحكومة في أبراجهم العاجية بعيدا عن المواطنين وهمومهم وكل ما يتم من تواصل مع المواطنين يتم في إطار عمليات "مسرح التمييع" لالتقاط صور مع فقراء يستفيدون من خدمات محددة وهو للاستعراض والاستهلاك الإعلامي فقط وليس لتنفيذ محاور برنامج تعهداتي الطموح والشامل لانتشال الوطن من الضياع والمواطن من الحرمان والتهميش والغبن.

ويرجح متابعون للشأن السياسي الوطني أن رئيس الجمهورية لم يعد مقتنعا بما يسمعه من وزرائه وكبار المسؤولين بسبب تردي الأوضاع العامة للمواطنين في كافة المجالات وبصورة خاصة في مجال الخدمات العامة وارتفاع الأسعار غير المسبوق وتنامي التذمر والغضب في الأوساط الشعبية وعلى نطاق واسع من أداء القطاعات الحكومية.

الفساد في كل قطاع

وأينما يممت وجهك في القطاعات الحكومية لا تجد سوى الفساد والمحسوبية والزبونية في الاستفادة من خدمات تلك القطاعات، حيث لا يجد المواطن العادي أي تجاوب معه إلا إذا كانت له واسطة نافذة في القطاع المذكور وهو ما يتنافى تماما مع مبدأ الإدارة الخادمة التي هي أساس من أسس دولة المؤسسات والمواطنة.

لذلك يستغرب أغلب المتابعين للشأن العام الوطني سكوت رئيس الجمهورية على حالات الفساد والنهب والتحايل وعلى الغبن والتهميش والإقصاء الذي تمارسه القطاعات الحكومية بحق المواطنين بشكل يومي فضلا عن مواصلة نهب واستنزاف ثروات المواطنين في صفقات لا تخلو من فساد بيّن واختلاس صريح لموارد الشعب والبلد لفائدة ثلة من المفسدين توارثت المناصب والامتيازات بالتزلف والنفاق وليس بالكفاءة والنزاهة وخدمة المواطنين.

ويعتقد مراقبون أن رئيس الجمهورية عبّر عن رفضه لهذا الواقع في أكثر من مناسبة، وصرح في عدة مناسبات بأنه لا يمكن أن يحمل لواء محاربة الفساد في الوقت الذي تمارس فيه حكومته مختلف أنواع الفساد والنهب؟!

تذكير دائم بتقريب الإدارة من المواطن

في معظم اجتماعات مجلس الوزراء يأمر رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة بحتمية تقريب الإدارة من المواطن، وهو ما يعكس حرصه الشديد على وجود إدارة في خدمة المواطن، ويجسد هذا الحرص على تكرار التوجيه للوزراء في هذا الخصوص قناعة رئيس الجمهورية بأن أوامره وتوجيهاته لم تلق أي تجاوب من طرف أغلب الوزراء وهو ما يترتب عليه اتخاذ إجراءات تضمن تنفيذ رغبته في وجود إدارة خادمة وفي التغيير الذي يضمن له تنفيذ تعهداته للمواطنين، رغم انتهاء مأموريته بعد أشهر قليلة فقط.

ولا شك أن تعقيدات الحياة وزيادة التذمر في الأوساط الشعبية بفعل تردي الأوضاع العامة، كل ذلك جعل رئيس الجمهورية يعيد النظر في أداء أبرز القطاعات الحكومية ويجدد أوامره بتسريع وتيرة تنفيذ محاور برنامج تعهداتي في مختلف مجالاته التنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى السياسية.

خطاب التهميش في "وادان"

تحدث رئيس الجمهورية ولأول مرة في مدينة وادان عن بعض المهمشين الذين قال عنهم إنهم يستحقون أن يكونوا في طليعة أبناء البلد الذين ضحوا من أجله، مشددا على أن المواطنة وخدمة الوطن هي وحدها التي يجب أن تكون في مقدمة الاهتمامات، وبذلك أوضح الرئيس أنه ضد الطبقية والتراتبية الاجتماعية منوها إلى أن المواطنة هي التي يجب أن تتم مراعاتها والاعتداد بها، وهي إشارة صريحة إلى أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون وأن أي خطاب شرائحي أو طبقي سيكون مرفوضا مهما كانت الجهة التي تتبناه.

ولا تكمن أهمية الخطاب فيما تبناه الرئيس بل تجسد رفضه لكل تجليات الواقع المعيش والذي تتحمل حكومته نصيبا أكبر منه، خاصة وأن "بعض" وزرائه أدلوا مؤخرا بتصريحات عشائرية وطائفية وقبلية لا تتناسب وقيم دولة القانون والمؤسسات، كما أن أغلب النافذين في القطاعات الحكومية هم من المقربين من الوزراء ومن المتاجرين بالنفوذ من أقارب رئيس الجمهورية والمقربين منه وهو ما يرفضه الرئيس ويدعو لنبذه واستئصاله.

ولكن بعد مرور وقت طويل على خطاب وادان ثم خطاب "جيول" نجد أن رئيس الجمهورية يواصل "صمته ومتابعته للمشهد" دون أن يحاسب أو يعاقب من يستحقون هذه أو تلك.

التعديل الوزاري حتمي ووشيك

وهكذا أكدت مصادر مقربة من صناع القرار أن الرئيس محمد ولد الغزواني أدرك، منذ بعض الوقت، حتمية إجراء تعديل وزاري "معتبر" من شأنه أن يعيد الأمل للمواطنين ويضع حدا للفساد المستشري وللزبونية والمحسوبية والجهوية التي ما زالت مستفحلة في أغلب القطاعات الحكومية

وفي هذا الصدد قالت المصادر إن ما لا يقل عن ثلث أعضاء الحكومة الحالية "سيتم تسريحهم" وسيتم تعيين كفاءات وطنية ليست من أصحاب السوابق في نهب المال العام ولا التقرب من الأنظمة السابقة، كما سيتم تطبيق توصية اللجنة الوطنية العليا لإصلاح الصحافة بإعادة وزارة الإعلام إلى المشهد بعد سنوات من تبعية القطاع لوزارات أخرى، حيث يرجح أن تتسمى بوزارة الإعلام والثقافة. في حين سيتم دمج بعض القطاعات الأخرى ومحاولة تقليص عدد الحقائب الوزارية.

وأضافت مصادرنا أن السنة الإدارية الجديدة 2024 ستتميز بإجراء تعديل وزاري واسع من شأنه إعادة تصحيح المسار وضمان سرعة تنفيذ مختلف محاور برنامج "تعهداتي" وإنصاف المهمشين والمحرومين من خدمات القطاعات الحكومية في وطنهم.

ولا شك أن التعديل الوزاري المرتقب سيراعي محاربة الفساد ومختلف أمراض الإدارة من زبونية وفساد ومحسوبية وجهوية قضت على آمال وأحلام المواطنين في العيش في كنف دولة مواطنة وقانون ومؤسسات حقيقية.

ومع انتهاء المأمورية قبيل يونيو المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية، يجد الرئيس نفسه مضطرا لمراجعة كل ما تحقق وما لم يتحقق وأسباب الإخفاقات التي يعرفها أداء أغلب القطاعات الحكومية وسبل تجاوزها بما يضمن سرعة التنفيذ لمحاور برنامج "تعهداتي" الذي هو عقد بين الرئيس والمواطنين بموجبه صوتوا له وانتخبوه رئيسا للجمهورية.

أحمد ولد مولاي امحمد 

العدد 797 من أسبوعية التواصل الصادرة يوم الاثنين 7 إبريل 2024