طالبه مسعود بعدم الترشح.. لم يعلن موقفه رغم قرب الاستحقاقات
هل سيترشح غزواني للرئاسة؟ سؤال قد يبدو طرحه للوهلة الأولى سطحيا حد السذاجة، وقد يقال إن صاحبه بعيد كل البعد عن الساحة وبعيد عن رقابة مشهد سياسي ضبابي بطبعه لكن غيومه بدأت تنقشع قليلا وبدأت التموقعات السياسية تتشكل كلما اقتربت الاستحقاقات القادمة.
هكذا يبدو هذا السؤال الغريب طرحه قبيل رئاسيات لا يفصلنا عنها سوى ثلاثة أشهر ونيف، لكن مهلا ..
بداية دعونا نطرح بعض الأسئلة السياسية البريئة قبل أن ندخل في الموضوع: لماذا الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لم يلوح حتى هذه اللحظة بترشحه للرئاسيات؟ ولماذا لم يتحدث في خطاباته خلال الزيارات الأخيرة عن حصيلة مأموريته التي عادة ما يتخذها الرؤساء بابا لدخول حملة رئاسية سابقة لأوانها؟ ولماذا المؤسسات الإعلامية الرسمية لم تبدأ حتى اليوم في الحديث عن "الحصيلة المشرفة من برنامج التعهدات الموسع" ولماذا كل أحزاب الأغلبية والداعمين للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ـ باستثناء تيار جميل منصور ـ وضعها على الصامت حتى اللحظة.
مسعود والمطالبة بالعدول عن الترشح..
مسعود ولد بخلير رجل من رجالات الدولة المخضرمين ومراوغ سياسي له باع طويل في فن المناورة السياسية ويعرف حوار الأنظمة سرا وعلانية ، من يدري أن خبرا في كواليس دوائر صنع القرار تم تسريبه له بطريقة ما. فتلقفه على طريقته وبدأ مطالبته التي لا تقل غرابة عن السؤال المطروح سابقا.
علمتنا التجارب أن ولد بلخير ينتمي لجيل سياسي عايش ألاعيب السياسية الماكرة وكان لا يتحدث من فراغ، وإنما يطلق تصريحاته في الظرف الزماني والمكاني المناسبين، فهل أراد الشيخ السياسي بهذه المطالبة أن يكسب هذا السبق ويكون عنوان المشهد السياسي القادم إن تمت تلبية طلبه، وسيقول في مؤتمر صحفي لاحق : كنت من أول المطالبين للرئيس غزواني بعدم الترشح الآن وقد فعلها مشكورا فإننا نطالب بانتخابات حرة وشفافة ونزيهة.
هذا وبالإضافة إلى مبادرة مسعود فإن صمت الموالاة بكل محاورها أحزابا ومبادرات داعمة يجعل المراقب يشكك في جدية عزم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لمأمورية ثانية، وقد عرفت هذه الأغلبية أنها تستبق الرئاسيات باشهر عدة حتى تحفظ للرئيس ماء وجهه ويكون مرشحا بدل أن يكون "من رشح نفسه" على لغة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
الرئيس غزواني الكتوم بطبعه ..
الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي حكم البلاد ما يقارب خمسة أعوام ما تزال عقلية القائد العسكري الماسك بزمام جهاز حساس مثل قيادة أركان الجيوش تسيطر عليه في كل شيء.
فالرجل ـ وحسب المقربين والعارفين بشخصيته ـ قليل الكلام لا يتحدث في السياسة كثيرا، معظم لقاءاته ينصت فيها كثيرا ويتحدث قليلا، لا يبوح لمن التقى بهم أخيرا في الحديث عن الاستحقاقات القادمة.
السؤال المحير وعلى طريقة "مارك" بم تفكر يا غزواني؟ بم تفكر أيها العسكري السابق الكتوم على كل شيء والمراوغ السياسي الحالي الذي يراقب الساحة بتؤدة ويجس نبض الشارع أغلبية ومعارضة؟.
من يدري أن رجلا بهذه الطبيعة الأمنية والعسكرية المعقدة يمكنه أن يفجر مفاجأة للرأي العام الموريتاني وهو إعلانه عدم رغبته في الرئاسية مستقبلا وهو الذي أعلن سابقا في إحدى الحملات الرئاسية أنه لم تكن لديه رغبة أصلا في الرئاسة وإنما الدافع كان مصلحة موريتانيا أولا، فهل تحققت تلك المصالح برأيه وكان الجو الحالي مواتيا لانسحابه بهدوء إلى مرابع أهله حيث الزوايا العلمية والتسابيح الصوفية هنالك..
ماذا لو عدل عن الترشح؟
إن فعلها الرئيس غزواني وقبل طلب مسعود ولد بلخير، وانسحب عن الرئاسيات فسيرتبك هذا المشهد السياسي المرتبك أصلا، سوف يعطي امتحانا لطبقة سياسية لم تتعود على انسحابات الرؤساء من المشهد.
إن فعلها كذلك فسيربك الدولة العميقة التي لن تجد وقتا كافيا لخلق شخصية سياسية أو عسكرية قادرة على كسب الرهان في هذا الوقت.
مهما يكن فإن الجميع يتساءل اليوم بجدية بم يفكر ذاك العسكري السابق المتكتم ومتى وأين سيعلن ترشحه لرئاسيات بدأت تقترب وبدأ المرشحون يعلنون تباعا عن نيتهم الخوض في الاستحقاقات القادمة..
المختار بابتاح