إضافة تعليق جديد

متى يكون الانقلاب مفيدا؟ ... يحي احمدو

تبنى الاتحاد الافريقي في بداية هذا القرن الكثير من آليات التخويف لكل من لم يحسم أمره في دخول غرفة نوم الرئيس فجرا.

وقد أبدى المرحوم محمد يحظيه ولد ابريد الليل في إحدى خواطره المبدعة أسفه على ذلك، باعتبار أن الانقلاب هو الحل الوحيد دائما لإدخال أحدهم دار العجزة بعد أن يكون أظهر بشكل لا يدع مجال للشك انه " لم يعُد صالحا" لشغل ذلك المكان.

ولكن ما فات على ولد ابريد الليل -رحمه الله- هو أمر أخطر من ذلك، ألا وهو أن القوانين الوطنية والدولية التي تشدد على معاقبة الانقلابيين ووصفهم بعدم الفهم والعقل والمسؤولية، جعلت أكثر الضباط الحكماء "الصالحين" لتسيير البلد يبتعدون عن هذه المغامرة، وبما أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة خاصة أو عامة (كما في القواعد الفقهية الكلية) تقدم لدخول غرف نوم الرؤساء جيل أضعف منهم تكوينا وفهما وأكثر تهورا، وأكثر استعدادا لقبول كل شيء بهدف البقاء في القصر، بمعنى أنه سيتعامل مع كل من يمد له اليد، فهو كالغريق.

وقد أحسن "باراك أوباما" في خطاب ألقاه في قمة إفريقية سنوات قليلة قبل رحيله من البيت الأبيض، حيث قال إن أسوأ شيء يمكن لرئيس حكم عهدتين أن يقوله لشعبه، هو أنه لم يجد من يمكنه أن يخلفه في الحكم، ذلك أن أكبر عمل يمكن للرئيس أن يقدمه لشعبه هو تمكينه من الاستغناء عنه بسلاسة.

ولا شك أن الموجة الحالية من الانقلابات في إفريقيا الفرنكوفونية كانت نتيجة عوامل منها:

-هذه المنطقة هي أكثر مناطق إفريقيا تخلفا وفسادا وديكتاتورية.
- الضعف الكبير في كل المجالات الذي يصيب فرنسا التي هي اللاعب الأول في هذه المنطقة.
- الوعي المتزايد لشعوب هذه المنطقة وتطلعهم لغد أفضل.
- بالإضافة إلى سوء الحكامة بكل معاني الكلمة.

ومع كل هذا هل يمكن اعتبار هذه الانقلابات مفيدة للمنطقة؟، حسب اعتقادي أنها ليست مفيدة، بمعنى أنها لن تكون الحل السحري للمشاكل الكثيرة في المنطقة وأولها التنمية والأمن والاستقرار.

إن تاريخ الانقلابات من منتصف القرن الماضي إلى اليوم أثبت أنها لم تكن يوما حلا جذريا لمشاكل عالمنا المتخلف.

كان أول انقلاب اعتبره المتابعون هادفا هو انقلاب سوار الذهب في السودان، أين السودان اليوم؟

لقد كانت الانقلابات المفيدة هي التي يقودها العلماء والمفكرون والمناضلون الشجعان، كما حدث في الغرب مع بداياته في تأسيس دولة العدالة والديمقراطية، وذلك عن طريق النهضة العلمية والثقافية، فمن المعروف ان التغييرات الاجتماعية الكبيرة لا يصنعها الا العلم ولا تحدث بغتة، إنها تراكم من التضحيات من أجل غد أفضل للبلاد.

يعتبر علماء الاجتماع أن مكونة العقليات والعادات والدين؛ هي العامل الأساسي في إصلاح المكونتين الباقيتين التين هما بنية المجتمع والنظام.