لقد أجمع السلف الصالح، ويعتريهم ما يعترينا، من ضجر وملل وقلق ورتابة، وبذمتي، عزيزي القارئ، أن أقرّ لك بالفارق، بل بالبون الشاسع، الذي تتركه، تلك العوامل على الوسْمِ والدّلّ، لكل واحد منا ومنهم، والحال أنهم خير منا، كفّتهم شالت ورجحت، وثقلت موازينهم.
الذين يهاجموننا كنظام وأغلبية بدأوا يفقدون أعصابهم بشكل لافت، وخصوصا في هجومهم على شخص رئيس الجمهورية والتي وصلت ذروتها في استدعاء الانقلابات العسكرية مما يظهر مدى مزاجية هؤلاء وانعدام أية قضية جادة لديهم.
هناك تناقض واضح يحتاج إلى تفسير بين ما نشاهده من تهدئة مع السياسيين وتصعيد أمني ضد المحتجين السلميين، ومثل هذا التناقض أصبح مربكا لمتابعي الشأن العام.
تهدئة سياسية غير مسبوقة
تشهد البلاد في العهد الحالي تهدئة سياسية كانت في أمس الحاجة إليها، خاصة وأنها جاءت بعد عقد كامل من التجاذبات والصراعات والتصعيد والتأزيم بين طرفي المشهد السياسي من أغلبية ومعارضة.
تجسيدا لتنفيذ القرار السيادي القاضي بإنشاء مكتب إعلامي جمهوري، أومنصة للاتصال وتوحيد المعلومات والدفاع عن المنجزات، فإن أهل المجال والمهتمين به يعتبرونه قرارا راقيا وصائبا وينبئ عن حس وطني، يجب أن يفكر فيه أي معني بالوظيفة أو مخلص ونزيه تجاه الوطن، سيما في عصر إعلام المواطن الذي بات يفرض نفسه، عبر كبسة زر من أي هاتف محمول.
تراجع معتبر في نسبة الفحوص الموجبة خلال الأسابيع الأخيرة؛ ولا شك أن فرض حظر التجول له دور إيجابي في هذه النتيجة رغم أن العدوى ما زال ينتشر بشكل مقلق، بل إن عوامل خطر جديدة تهددنا.
منحنيات وبائية مرتفعة ومتذبذبة، والسلالات الجديدة تقترب
التحسن الملاحظ في منحنى العدوى، والذي سبقت الإشارة إليه، ما زال دون المستوى المطلوب بكثير ولم يستقر مساره على حال.
تتوفر تارة فرص قد لا تتهيأ دا ئما ظروف لها ومنها الآن :
(بناء مدينة في تيرس بين الشكات وأكليب أندور ).
وستحقق جملة من الأهداف مثل :
- تكون مدينة معدنية بامتياز وستوفر على المنقبين قرابة نصف تكاليف الإستخراج وهذا التعدين التقليدي لن يتوقف بقية عمر البلد بل سيتضاعف وتتعدد طرقه وتكتمل سلاسله الإقتصادية وهو الضامن الأول لإزدهار ونمو وتطور هذه المدينة.
يمكن القول بأن من أهم ملامح هذا العهد: التهدئة السياسية والاهتمام بالفئات الهشة. وإذا كان الملمح الأول قد وجد حظه من التسويق الإعلامي، ويرجع الفضل في ذلك بالأساس إلى المعارضة ، فإن الملمح الثاني ـ والذي غابت عن تسويقه المعارضة لأسباب مفهومة ـ لم يجد أي اهتمام إعلامي يذكر، الشيء الذي يؤكد أن الذراع السياسي والإعلامي للنظام الحاكم يعاني من عجز بَيِّن.
إن غاية مطمحي من هذه السطور أن تدفعك للإيمان بقضية عظيمة فاض الكيل فيها، ولا يعني أبدًا إمساكي للقلم أنني الافضل إنما هو التواصي بالحق و الصبر على الخير.
لا أتوقع - وأتمنى أن يكون إحساسي صادقا - أن يناقض الرئيس محمد ولد الغزواني نفسه فيسقط في أيدي أصحاب "الدكاكين" الفئوية والعرقية، و"باعة المواقف"..
لقد كرر الرئيس أنه غير معني إلا بإقامة دولة المساواة والعدل..
وقال لي في أول مقابلة يجريها مع صحفي إنه سينصف
كل المغبونين لكنه يرفض تقسيم بلده إلى فئات وأعراق..