الصيد البحري : اسهامات معتبرة في التوازنات الاقتصادية الكبرى

يشكل قطاع الصيد البحري أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني، لإسهاماته المعتبرة في التوازنات الاقتصادية الكبرى وخلق فرص العمل، ولدوره البارز في محاربة الفقر وتوفير الأمن الغذائي.

إذ تُعتبر الشواطئ الموريتانية - الممتدة على طول 754 كلم تقريبا - من أغنى شواطئ العالم بالسمك، ويعود ذلك إلى عوامل مناخية وجيومورفولوجية توفر ظروفا مواتية لتكاثر الأسماك.

وتتميز مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة (ZEE) لموريتانيا بالتنوع الكبير للأسماك، تتجاوز 700 صنف من الأحياء البحرية، منها أزيد من 200 عيّنة ذات قيمة تجارية مؤكَّدة.

وقد حددت الجهات العلمية الكمية المسموح باصطيادها سنويا، في إطار الاستغلال المستديم، بما يربو على 1.800.000 طن، منها 1.380.000 من أسماك السطح، وتصنف هذه الموارد إلى موارد قاعية (رأسيات الأرجل والقشريات والأسماك) وموارد الأسماك السطحية (أسماك سطحية صغيرة والتونة).

ومن أجل المحافظة على استدامة هذه الثروة، اعتمدت السلطات العمومية من 1978 وحتى الآن عدة استراتيجيات كان آخرها الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستديمة والشاملة لقطاع الصيد البحري للفترة 2020 ـ 2024، والتي تهدف إلى المحافظة على الثروات ووسطها البحري والشاطئي، وزيادة الكميات المفرغة في موريتانيا، وتعزيز آليات تحويل وتثمين منتجات الصيد، وتطوير البنى التحتية، وجني أقصى استفادة ممكنة مع توزيع عادل لريع القطاع، علاوة عن المساهمة بشكل فعلي في الجهود المبذولة من أجل تعزيز تنمية الاقتصاد الأزرق المشترك الذي يعتبر مصدرا للثراء والتشغيل.

فرص استثمار واعدة

يتمتع قطاع الصيد بمميزات محفزة تؤهله لأن يكون الوجهة الفُضلى لكل مستثمر وطني كان أو أجنبي، إذ تتميز موريتانيا بمناخ أعمال مستقر وآمن وبقيم التسامح والانفتاح، فضلا عن تقاليد الضيافة العريقة. وقد حباها الله بموقع استراتيجي فريد، يضعها على مَشَارِفِ أهم الأسواق الاستهلاكية العالمية، وعلى مفترق طرق شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، كما تتوسط الخطوط البحرية الرئيسة في الأطلسي بين أوروبا والشرق الأوسط، وغرب إفريقيا، والأمريكيتين، بالإضافة إلى وجود بنى تحتية مينائية وخدمية مكتملة وأخرى قيد الإكتمال.

وتوفر مدونة الاستثمار كل الضمانات التي يحتاجها المستثمر، وتشتمل على حزمة من الحوافز الضريبية والجمركية والجبائية، فضلا عن منحها تشجيعات للمستثمر، من قبيل الأولوية في منح حصص الصيد والتناسب العكسي بين الإتاوات والرسوم وبين مستوى القيمة المضافة على المنتجات.

ولموريتانيا تجربة عريقة في تصدير المنتجات السمكية إلى 63 دولة حول العالم في خمس قارات، ونظام تفتيش صحي معترف به عالميا، حاصل على اعتماد المواصفتيْن القياسيتيْن ISO 17020 و ISO 17025 ، ويستجيب للشروط والمواصفات الأوروبية الصارمة.

ولديها فضاءات استهلاكية كبيرة تمنح معاملة تفضيلية للمنتج ذي المنشأ الموريتاني، منها تجمع دول الساحل الخمس، الذي تشكل موريتانيا واجهته البحرية الوحيدة (80 مليون مستهلك)، ومنطقة التجارة الحرة في إفريقيا (1,2 بليون مستهلك)، والمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (400 مليون مستهلك).

ويوفر قطاع الصيد والاقتصاد البحري فرصَ استثمار فريدة في مجالات بِكر ذات هوامش ربحية معتبرة، ومنها:

1 - الاستثمار في نشاطات الصيد:

تنتج المنطقة الاقتصادية الخالصة الموريتانية سنويا ما يناهز مليون طن من مختلف الأصناف، أي ما يمثل نسبة 55% فقط من المخزون القابل للاستخراج سنويا، وبتعبير آخر، فإن هناك أزيد من 800 ألف طن من مختلف أصناف السمك متاحة لمستثمرين جدد في مجال نشاط الصيد البحري.

2 - الاستثمار في تثمين الأسماك:

تناهز الكميات التي يتم إنزالها سنويا على اليابسة 600 ألف طن، يتم تصدير قرابة 90% منها خاما، دون إدخال أية قيمة مضافة، مما يعني وجود فرص استثمارية ذات هوامش ربحية كبيرة، ومن أبرز النشاطات المعروضة للاستثمار:

- تعليب سمك السردين، البالغ مخزونه القابل للاستخراج سنويا 400.000 طن، وهذا النشاط معدوم في البلد حتى الآن؛

- تعليب سمك الأنشوجة المخزون المتاح: 100.000 طن، وهذا النشاط معدوم أيضا كسابقِه؛

- الاستثمار في تثمين الأصناف السطحية الأخرى، مثل النيزك CHINCHARD وماكريل MACKEREL والسردينيلا SARDINELLA والتي يتجاوز المخزون المتاح منها 500.000 طن.

- الاستثمار في تعليب أسماك التونة، مثل الزعنفة الصفراء YELLOWFIN والتون الجاحظ BIGEYE TUNA والتون الوثّاب LISTAO حيث تبلغ حصة موريتانيا منها 30.000 طن يتم إنزالها مباشرة في الخارج حيث يتم تعليبها.

- الاستثمار في تثمين الرخويات CEPHALOPODS ، وهي أصناف ذات قيمة تجارية عالية OCTOPUS, LAMARI, CUTTLEFISH ، ويكثر الطلب عليها من قبل الآسيويين والأوربيين، ويناهز المخزون المسموح باصطياده منها سنويا 50.000 طن.

3 - الاستثمار في استزراع الأسماك:

تتوفر موريتانيا على واجهة بحرية تمتد مسافة 754 كيلومترا على المحيط الأطلسي، وواجهة نهرية تمتد 800 كيلومتر على طول نهر السينغال، فضلا عن عشرات المسطحات المائية الدائمة، وكلها صالحة لاستزراع وتربية الأسماك بجميع أصنافها.

بَيْدَ أنّ موريتانيا - التي تحتل المرتبة الثانية إفريقيا من حيث إنتاج السمك من الصيد البحري - لا تنتج، حتى الآن، سمكة واحدة مستزرعة، مما يوفر فرصا بِكْرًا للاستثمار المربح. ومن ضمن النشاطات المعروضة للاستثمار في هذا المضمار:

- تربية الجمبري

- استزراع أصناف مثل سمك الدنيس وسمك البوري MULLET

- استزراع المحار

- استزراع أسماك المياه العذبة في حوض نهر السينغال وعشرات المسطحات المائية الدائمة المنتشرة في البلاد،

4 - الاستثمار في أحواض بناء وإصلاح وصيانة السفن:

هناك جملة من العوامل المحفزة على الاستثمار في هذا المجال، منها:

- تقادم الأسطول الوطني من مراكب الصيد وحاجته الماسة إلى التجديد والإصلاح والصيانة؛

- وجود ما يزيد على 400 سفينة صيد تنشط باستمرار في المنطقة الاقتصادية الخالصة لموريتانيا، في ظل غياب تام لأية بنى تحتية للصيانة والإصلاح؛

- وجود ثلاثة موانئ رئيسة تخضع لوصاية قطاع الصيد يمكنها أن تستقبل هذا النشاط: ميناء "انجاغو" في أقصى الجنوب، وميناء "تانيت" في الوسط، وميناء "نواذيبو" في الشمال.

5 - الاستثمار في التصنيع لا سيما في الأدوات والمستلزمات البحرية كشبكات وأدوات الصيد المختلفة، ووسائل التخزين والحفظ، ...إلخ.

6 - الاستثمار في المجال البحري العمومي لأغراض السياحة البحرية والشاطئية،

حيث يتوفر البلد على شواطئ رملية غاية في الجمال ومواقع جزرية وشاطئية في منتهى الروعة.